ودول ومجالات رحبة متنوعة، ومواجهتها لاحداث ومستجدات لم تجد لها نصا تشريعيا في الكتاب والسنة، ونظرا لبعد الفترة الزمنية التي تفصل أبناء هذا العصر عن عصر النبي (صلى الله عليه وآله) والصحابة، وابتعادهم عن مصادر التشريع في الاسلام من الكتاب والسنة وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) باعتبارهم أهل الكتاب وشارحي السنة، وهم الراسخون في العلم، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) قد أعدهم لهذه الحالة من قبل، وكلف الأمة بالرجوع إليهم فيما يهمهم من شؤون الدنيا والآخرة وذلك في حديث الثقلين المستفيض، وفي أكثر من موقف وموقف. كل ذلك أدى إلى الاحتياج إلى مصادر أخرى للتشريع غير الكتاب والسنة، ولما لم يكن بالإمكان إسناد قيادة المرجعية الفكرية لأهل البيت النبوي (عليهم السلام) على اعتبار أن المرجعية الفكرية تقود للمرجعية السياسية؛ لذا لم يجدوا بدا من اللجوء إلى مدارس وتيارات فكرية معادية بطبيعة نشأتها لخط أهل البيت (عليهم السلام)، ساعدت السلطات الحاكمة على إفرازها واستفحالها أو ساهمت بشكل مباشر في تكوينها، اعتمدت تلك المدارس القياس والاستحسان تارة والرأي والعرف والمصالح المرسلة تارة أخرى.
وقد تولى أئمة أهل البيت (عليهم السلام) مجابهة هذه التيارات الجديدة وتفنيد آرائها ومزاعمها والرد عليها، خاصة مدرسة الرأي التي ترجع بدايات تأسيسها إلى عهد الخليفتين أبو بكر وعمر بن الخطاب - وكان الثاني من أكثر الناس تحمسا لمذهب الرأي، والشواهد على ذلك كثيرة - ولسنا هنا بصدد إيرادها - حتى بلغت مدرسة الرأي ذروتها على يد أبي حنيفة وأتباعه.
ولا نحتاج إلى كثير من الجهد والبحث لنلمس موقف أهل البيت (عليهم السلام) من مدرسة الرأي في الاجتهاد، يقول الشيخ محمد مهدي الآصفي: فقد وجد أهل البيت (عليهم السلام) في هذه المدرسة جرأة على الفتوى واستنباط أحكام الله تعالى، كما وجدوا فيها تهاونا بالسنة والحديث؛ ولذلك وقف أئمة أهل البيت (عليهم السلام) منذ