مدرسة القياس في الاستنباط:
وكان أبو حنيفة، النعمان بن ثابت (ت 150 ه) زعيما بارزا لمدرسة " القياس ". وقد حاولت تلك المدرسة استنباط الأحكام الشرعية باستخدام علل ثابتة لأحكام شرعية أخرى. كما إذا قال الشارع عز وجل: " حرمت الخمر لإسكارها ". فإن أبا حنيفة أعلن بأنه يستطيع استخراج الحكم الشرعي لسوائل أخرى بالقياس على قول الشارع بالشكل التالي: " الخمر أصل، والحرمة حكمه، والإسكار علتها، فإذا وجد الإسكار في النبيذ (وهو الفرع) فقد ثبتت الحرمة له بالقياس ". فكانت تلك الطريقة التي حملت الفرع الفقهي على الأصل، محل نقاش في أصل شرعية الدليل. وقد أورد الشيخ محمد أبو زهرة (ت 4139 ه) مناقشة مزعومة جرت بين الإمام الباقر (عليه السلام) وأبو حنيفة حول القياس (1) سنتعرض لتفصيلها لاحقا. ولكن لم يرد في كتب الشيعة ما يؤيد ذلك. إلا أن عدم إيراد المناقشة في كتبنا لا يدل على عدم العمل بالقياس في مدرسة أهل الحديث السنية زمن الامام الباقر (عليه السلام). بل كانت تلك المدرسة نشطة في بث آرائها الجديدة حول ذلك اللون من الاستنباط المزعوم. ومن الجدير بالذكر أن أبا حنيفة كان قد بلغ من العمر سنة وفاة الامام الباقر (عليه السلام) حوالي (43) سنة.
فيحتمل ورود ما يدل على حملة شديدة حملها الإمام (عليه السلام) على فكرة " القياس " في الشريعة. وقد شن أئمة أهل البيت (عليه السلام) من بعد الباقر (عليه السلام) حربا على تلك الطريقة