ومن أبناء أعمام سيلقى * هم أولى به عند الورود دماء معشر نكثوا أباه * حسينا بعد توكيد العهود فسار إليهم حتى أتاهم * فما أرعوا على تلك العقود (1) هذا بعض القصيدة وقد صور فيها الشاعر حزنه العميق على الشهيد العظيم الذي ثكل به المسلمون فهو يطلب من عينيه أن تجودا بالدموع، وممن رثى زيدا بذوب روحه أبو ثميلة الأبار التي مطلعها:
أبا الحسين أعار فقدك لوعة * من يلق ما لا قيت منها يكمد فغدا السهاد ولو سواك رمت به * الأقدار حيث رمت به لم يشهد حرق الجثمان الشريف:
وبقي جثمان زيد مرفوعا على أعواد المشانق، وهو يضيء للناس طريق الحرية والكرامة، ويدفعهم إلى التمرد على الذل والخنوع، ويبعث في نفوسهم روح الثورة على الظلم والجور، وقد وضعت عليه السلطة الحرس، وعددهم أربعمائة، وجعلت الرقابة في كل ليلة لمائة رجل، وبنيت للحرس حول الجذع بناية، خوفا من أن يختلس الجثمان العظيم، ويوارى في التراب (2).
ولما هلك الطاغية هشام، وولي الحكم من بعده الوليد بن يزيد فاجر بني أمية كتب إلى حاكم الكوفة يوسف بن عمر كتابا يأمره بأن ينزل الجثمان المقدس من الخشبة ويحرقه بالنار (3). وقام السفاك بتنفيذ ما عهد إليه، فأحرق الجسد الطاهر الذي ثار ليطهر الأرض من الظالمين ويعيد للإنسان كرامته، وحقه في الحياة.