وهكذا كل الدعوات الإلهية. فإن المبدأ الأول الذي كانت تنادي به وتدعو إليه هو التوحيد، ثم عليه تبتني الكثير من المفاهيم العقيدية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية.
وطلب جابر بن يزيد الجعفي من الإمام أبي جعفر (عليه السلام) أن يعلمه شيئا من التوحيد فقال (عليه السلام):
" إن الله تباركت أسماؤه التي يدعى بها، وتعالى في علو كنهه. واحد توحد بالتوحيد في توحده، ثم أجراه على خلقه، فهو واحد صمد، قدوس يعبده كل شئ ويصمد إليه كل شئ، ووسع كل شئ علما. ".
ومن المسائل التي بحثها الإمام (عليه السلام) والتي تتعلق بهذا الأمر ما يلي:
أ - إدراك حقيقة الذات الإلهية:
وهي من المسائل الخطيرة التي رافقت الانسان منذ اليوم الأول الذي أخذ يجول بفكره في هذا العالم، ثم اهتدى إلى وجوب وجود خالق للعالم والكون - من هنا برز التفكير أيضا بحقيقة هذا الخالق وكنهه - وحتى الذين آمنوا بوجود الخالق الواحد لم يمنعهم إيمانهم من التفكير طويلا في ذات الله تبارك وتعالى وتصورها على حسب الأشياء والمحسوسات.
إن البصر ينقلب خاسئا وهو حسير في تصوره لذات الله تعالى خالق الكون وواهب الحياة، يقول ابن أبي الحديد:
فيك يا أعجوبة الكون * غدا الفكر عليلا كلما أقدم فكري * فيك شبرا فر ميلا أنت حيرت ذوي الل * ب وبلبلت العقولا إنه ليس هناك شئ أبعد من إدراك ذات الله تعالى فإنها تمتنع على العقول وتعجز من أن تلم بأي جانب من جوانبها، وقد سأل عبد الرحمن