لا يرفعه إلى درجة العصمة في فهم الأحكام الواقعية. فالمجتهد قد يصل إلى ما وصل إليه " زيد بن علي " من فهم للأحكام الظاهرية للدين، إلا أنه لن يصل إلى درجة فهم الإمام المعصوم الواجب الطاعة من قبل الرعية فهما واقعيا للأحكام. وقد كان تفكير " زيد " في الثورة اجتهادا من أجل الدعوة للرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله) وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر وردا للمظالم ونصرة لأهل الحق.
والى ذلك أشار الإمام الصادق (عليه السلام) بأن عمه زيدا إنما خرج ليدعو الناس إلى الرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، ولو انتصر لوفى بما دعا الناس إليه " (1). بينما اتخذ الامام الباقر (عليه السلام) الذي ألزمنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) باتباعه واتباع بقية الأئمة من ذرية الرسول، الطريق العلمي في تأسيس أركان المذهب. وكان الطريق العلمي، إضافة إلى دوره الأساس في تبيين الشريعة، وسيلة من وسائل إسقاط حكام بني أمية لاحقا، بل كان وسيلة لإسقاط كل ظالم يظلم الأمة في هذه الدنيا الواسعة. وبكلمة، فإن الإمامية لا يقولون في " زيد بن علي " إلا خيرا. وكان الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) يقول بكثرة: " رحم الله عمي زيدا ". فقد كان استشهاد " زيد " رضوان الله عليه مسمارا آخر في نعش الدولة الأموية الظالمة التي كانت تعيش أيامها الأخيرة في الحكم. التقية على نطاقي الفرد والتشريع:
كانت " التقية " ولا تزال من الأحكام الشرعية المتطابقة مع الحكم العقلي في إخفاء الحق من أجل التحرز من التلف، أو قل من الموت والفناء. ولذلك فإن القرآن المجيد لم يستنكر طبيعة الظرف الاستثنائي الذي قد يمر به الفرد