اليوم الأول موقف المعارض من مدرسة الرأي والاجتهاد، وأبدوا رأيهم في هذه المدرسة في كثير من المناسبات دون أن يفرقوا بين أقسام الرأي من قياس أو استحسان واستصلاح وغير ذلك من وجوه الرأي التي لا تستند على دليل معتبر من ناحية الشريعة.
يقول ابن جميع: دخلت على جعفر بن محمد أنا وابن أبي ليلى، وأبو حنيفة، فقال لابن أبي ليلى: من هذا معك؟ قال: هذا رجل له بصر ونفاذ في أمر الدين، قال: لعله يقيس أمر الدين برأيه، قلت: نعم، فقال جعفر لأبي حنيفة: ما اسمك؟ قال: نعمان، فقال: يا نعمان حدثني أبي عن جدي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس. قال الله تعالى له: اسجد لآدم، فقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، فمن قاس الدين برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس؛ لأنه اتبعه بالقياس.
وزاد ابن شبرمة في حديثه:
ثم قال له جعفر: أيهما أعظم قتل النفس أو الزنا؟ قال: قتل النفس، قال:
فإن الله عز وجل قبل في قتل النفس شاهدين، ولم يقبل في الزنا إلا أربعة. ثم قال: أيهما أعظم الصلاة أم الصوم؟ قال: الصلاة، قال: فما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فكيف ويحك يقوم لك قياسك؟ اتق الله ولا تقس الدين برأيك (1).
والشواهد والأخبار نظير ذلك كثيرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في الردع عن إعمال الرأي والقياس والاستحسان، بهذا الشكل الذي لا يقوم عليه دليل من الشرع.
وقد أفادت المعركة الفكرية التي خاضها أهل البيت (عليهم السلام) ضد أنصار الرأي - حيث رفعوا في وجوهم الشعار المعروف (دين الله لا يصاب بالعقول) -