الفصل الثالث شواهد من سيرته (عليه السلام) سبق ان تناولنا في الفصلين السابقين شيئا من السيرة المباركة للإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهم السلام)، مع العلم بأن ما وصل الينا عبر التاريخ عن سيرة الأئمة الطاهرين - صلوات الله عليهم أجمعين - بعد واقعة الطف الأليمة، لا يمثل إلا النزر اليسير مما هو مخزون في صدورهم، والطافح على سيرتهم العملية والذاتية، وذلك نتيجة التعتيم الإعلامي وضرب الحصار الذي طوقه الأعداء، وفرضه حكام الجور على أئمة أهل البيت الهداة (عليهم السلام) وعلى الرواة من شيعتهم ومطاردتهم دون هوادة، والتنكيل بهم وكم أفواههم، دون التحدث بفضائلهم واظهار مناقبهم.
فقد حبس الكثير الكثير من العلوم في قلوب الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) وفي صدور الطليعة من أصحابهم الميامين الذين حفظوا أسرار هذا الدين، وحافظوا على تراثه الضخم وليس أدل على ذلك من حديث جابر الجعفي.
فقد روى جابر الجعفي - قال: حدثنا أبو جعفر الباقر (عليه السلام) سبعين ألف حديث (1)، ولم احدث بها أحدا قط، ولا احدث بها أبدا (2).