2 - علم الحديث لقد كان من أولويات اهتمامات الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) العلمية، الحديث الوارد عن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعن آبائه الأئمة الأطهار (عليهم السلام) باعتباره المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد كتاب الله العزيز، وللحديث النبوي الشريف أهميته الخاصة والبالغة في الشريعة الإسلامية، فهو يتولى تخصيص عموميات الكتاب، وتقييد مطلقاته، وبيان ناسخه ومنسوخه، مجمله ومبينه، كما يعرض لأحكام الفقه من العبادات والمعاملات، وإعطاء القواعد الكلية التي يتمسك بها الفقهاء في استنباطهم للحكم الشرعي. بالإضافة إلى ذلك كله فإن في الحديث النبوي بنودا مشرقة لآداب السلوك، وقواعد الاجتماع، وتنظيم الأسرة وصيانتها من التلوث بجرائم الآثام، إلى غير ذلك مما يحتاج اليه الناس في حياتهم الفردية والاجتماعية.
من هنا عني الإمام أبو جعفر (عليه السلام) عناية خاصة بالحديث، وتبناه بصورة إيجابية، وأعد له رجالا وحملة يحفظونه من الضياع والتحريف أمثال جابر الجعفي، وأبان بن تغلب، وزرارة بن أعين الذي فيه يقول الإمام الصادق (عليه السلام):
لولا زرارة لظننت أن أحاديث أبي ستذهب.
وجاء في رواية إبراهيم بن عبد الحميد وغيره أن أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) كان يقول: رحم الله زرارة بن أعين، لولا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي، وقال فيه وفي جماعة من أصحابه منهم أبو بصير ليث المرادي ومحمد بن مسلم ويزيد بن معاوية العجلي: لولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا الفقه، هؤلاء حفاظ الدين وأمناء أبي (عليه السلام) على حلاله وحرامه وهم السابقون إلينا في الدنيا والآخرة.