باعتبار " أن دين الله لم يوضع في الرأي والقياس " (1)، و " أن السنة إذا قيست محق الدين " (2). فالقياس الذي مارسه أبو حنيفة، كان يشكل خطرا جسيما على الدين لأنه - لو قدر له الإنتصار - لفسح المجال للتلاعب بالأحكام الشرعية بحجة موافقة أو مخالفة القياس. فيتبدل حكم الله في ميراث الرجل - بموجب القياس - من سهمين إلى سهم واحد، لأن الذكر أقوى من الأنثى ولا يحتاج إلى سهمين.
ويتبدل حكم الله في الحائض - بموجب القياس - إلى قضاء الصلاة بدل قضاء الصوم، لأن الصلاة أكبر من الصوم. ويتبدل حكم الله في الوضوء للبول والغسل للمني - بموجب القياس - إلى غسل للبول ووضوء للمني، لأن البول أكبر من المني، وهكذا. وهذا الطريق مخالف تماما للأصول الشرعية في فهم الأحكام.
فإننا - كبشر - لا نستطيع أن ندرك جميع علل الأحكام الشرعية. وهذا هو معنى قوله (عليه السلام): " إن دين الله لم يوضع في الرأي والقياس "، لأن ملاكات الأحكام أمور توقيفية من وضع الشارع، ولا تدرك بالنظر العقلي إلا من طريق الملازمات العقلية القطعية. والقياس يشك بحجيته، على أقل التقادير، والشك في الحجية كاف للقطع بعدمها. وقد كان وقوف أئمة أهل البيت (عليه السلام) ضد فكرة " القياس " في الإجتهاد يعبر عن صيانة واقعية للأحكام الشرعية منذ ذلك العصر ولحد يومنا هذا. أساليب السلطة السياسية في محاربة الإمام الباقر (عليه السلام):
وقد استخدمت السلطة الظالمة لبني أمية مختلف الأساليب الاجتماعية والسياسية من أجل محاربة نهج الإمام الباقر (عليه السلام) وتصميمه الشديد في حفظ