وصاياه (عليه السلام) لبنيه وأصحابه من أنفس ما تركه الأئمة (عليهم السلام) للمسلمين هو وصاياهم الكثيرة، الحافلة بالتوجيه والاخلاق والحكم والمعارف والآداب، فلم يعرف التاريخ الاسلامي مثل هذه الوصايا لمن سبقهم أو تأخر عنهم من العلماء والحكماء والفلاسفة والمفكرين، وما ذلك إلا لحرصهم على توجيه المجتمع، واصلاح الأمة، وبث الاخلاق بين الناس، وليس هذا بكثير عليهم، فهم الأوصياء المكلفون بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) بنشر الاسلام، والمحافظة على السنن والشرائع المحمدية.
فمن وصية له (عليه السلام) لبعض أولاده:
يا بني: إذا أنعم الله عليك بنعمة فقل: الحمد لله، وإذا أحزنك أمر فقل:
لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا أبطأ عنك رزق فقل: استغفر الله.
واجتمع عنده ناس من بني هاشم فقال (عليه السلام): اتقوا الله شيعة آل محمد، وكونوا النمرقة الوسطى يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي.
قالوا له: وما الغالي؟
قال: الذي يقول فينا مالا نقوله في أنفسنا.
قالوا: فما التالي؟
قال: الذي يطلب الخير فيزيد به خيرا، والله ما بيننا وبين الله قرابة، ولا لنا على الله من حجة، ولا نتقرب إليه إلا بالطاعة، فمن كان منكم مطيعا لله، يعمل بطاعته، نفعته ولايتنا أهل البيت، ومن كان منكم عاصيا لله، يعمل معاصيه لم تنفعه ولايتنا، ويحكم لا تغتروا، قالها ثلاثا.
وأما وصاياه (عليه السلام) لجابر بن يزيد الجعفي فكثيرة منها:
روي عنه (عليه السلام) أنه قال له: يا جابر اغتنم من أهل زمانك خمسا: إن حضرت لم تعرف، وإن غبت لم تفتقد، وإن شهدت لم تشاور، وإن قلت لم يقبل قولك،