احتجاجات الإمام (عليه السلام) ومناظراته لم يكن دور الإمام الباقر مقتصرا على الفقه والحديث، بل كان هو وأصحابه يناظرون في أصول الإسلام ويحاولون تركيزها في النفوس حتى لا تتعرض لما أثير في ذلك العصر من الجدل والنزاع في أصول العقائد.
ومن عقائدنا في النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) هو المقدرة على اتيان المعاجز، دليلا على النبوة والإمامة، وتثبيتا للعقيدة، وحدا فيصلا بين الصدق والكذب، وجل من ترجم للنبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) ذكر لهم معاجز وكرامات كثيرة، شاهدها لهم من صحبهم من الثقات، وقد أعرضت عن ذكر ما ورد لهم (عليهم السلام) من المعاجز ايمانا مني بان كل حياتهم صلوات الله عليهم معاجز، وكل كلامهم براهين، وعندي أن المعجزة تتجلى في أروع صورها، واسمى معانيها في أجوبتهم (عليهم السلام)، فهي تشتمل على صنوف من العلوم والفنون والمعارف، بما لا يتوصل إليه غيرهم مع أنهم أجابوا عنها بالبديهة، وفصلوا أجوبتها باللحظة.
وها نحن نورد غيضا من فيض ما ورد إلينا من أجوبته (عليه السلام) عن المسائل التي سئل عنها طلبا للفائدة أو عند مناظراته واحتجاجاته (عليه السلام).
اقبل أبو جعفر (عليه السلام) في المسجد الحرام فنظر اليه قوم من قريش فقالوا: من هذا؟
فقيل لهم: إمام أهل العراق. فقال بعضهم: لو بعثتم اليه بعضكم فسأله، فأتاه شاب منهم فقال له: يا عم ما أكبر الكبائر؟
فقال (عليه السلام): شرب الخمر. فأتاهم فأخبرهم، فقالوا له: عد اليه، فعاد اليه.