توضيح المفهوم الشيعي عن أهل البيت (عليهم السلام) وسط الألوف من الناس المحتشدة في المسجد ويقول لهم بكل صراحة وحزم بأنهم هم أصحاب الزعامة الروحية والاجتماعية في المجتمع، وهم وارثوه الحقيقيون؛ لأنهم هم وحدهم الذين يتمتعون ويمتلكون صفات القيادة الجماهيرية وخصوصياتها دون غيرهم.
وإشارة أبي عبد الله الصادق إلى ذلك الصنف من الناس الذين يدعون الولاء بألسنتهم، وقلوبهم تميل إلى غيرهم، هو - بتحليلنا للحدث - تعريض واضح بهشام بن عبد الملك وبتلك الزمرة المتملقة المحتفة بالحاكم الظالم أو المتقربة إلى حاشيته بل وحتى إلى أصدقاء جلسائه أو خدمه، وذلك لما رأى الإمام، على ما يبدو، من تكالب الناس على فتات مائدة السلطان، فتصدى الإمام الصادق (عليه السلام) لهذه المهمة وبادر بالقيام في توضيح هذه المسألة وتنبيه الأمة إليها، وهزها هزا عنيفا يتغير معه الواقع السياسي والفكري المعاش. لأن الانحراف السياسي الذي بدا بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) مباشرة، أخذ في هذه الفترة يتبلور إلى تيار فكري يسير باتجاه معاكس للمبدأ الفكري الذي وضعه النبي (صلى الله عليه وآله) وبنى عليه بنيانه، وسار أئمة الدور الأول على وفق منهاجه.
هذا الاتجاه الفكري الجديد المتمثل بمبدأ الإقرار والتسليم بالقيادة السياسية للصحابة من المهاجرين والأنصار ثم للتابعين وتابعيهم، أما القيادة أو المرجعية الفكرية كمرجعية رسمية فإنها بقيت معطلة وشاغرة؛ وذلك لعدم امتلاك الحكام السياسيين إمكانية وكفاءة ملء هذا المنصب، وعدم وجود أحد من علماء ذلك العصر كان يليق به أو كان كفأ لشغل ذلك المنصب الحساس والخطير في نفس الوقت.
من هنا برزت الحاجة إلى مرجعية فكرية تساير وتستوعب الظروف والتطورات الجديدة والمسائل الكثيرة التي ظهرت على مسرح الواقع نتيجة اتساع الحياة الاسلامية بجميع أبعادها، وانفتاح الدولة الاسلامية على شعوب