مدرسة الإمام الباقر (عليه السلام) عند الرجوع إلى سيرة الامام زين العابدين (عليه السلام) واستعراض بعض فصولها المتعلقة بالمنهاج العملي الذي تبناه الإمام السجاد (عليه السلام) من أجل قيادة الأمة الروحية ومسيرته الاصلاحية، يتبين لنا جليا أن الإمام زين العابدين عبر سنوات إمامته المباركة، أخذ زمام المبادرة لتزويد الأمة بطاقة روحية وفكرية وأخلاقية رائدة، بالإضافة إلى تكثيف ولائها لأهل البيت (عليهم السلام).
على أن عمله لم يكن متوقفا عند حدود تلك المهمة، وإنما كان وضع اللبنات الأولى لمدرسة خالدة كبرى تحظى منه بالأولوية، ولقد عشنا مع الإمام (عليه السلام) عبر دراستنا لسيرته العطرة، وهو يصنع كوكبة من رجال العلم والمعرفة وحملة التشريع الإلهي الصحيح، بالرغم من الظروف السيئة التي اكتنفت عصره.
وما ان رحل الإمام السجاد (عليه السلام) ولبى نداء ربه الأعلى سبحانه، حتى نهض الإمام الباقر (عليه السلام) بأدوار الإمامة الشرعية، بناء على امتلاكه لشروطها فكرا وعملا، وما يؤطر ذلك من عهد إلهي خاص بحمل أعبائها. ولقد حمل الإمام (عليه السلام) مشعل الإمامة المتفجر بالخير والهدى خلال التسع عشرة سنة الأخيرة من عمره الشريف، فما هي طبيعة المسار الذي سلكه (عليه السلام) بقافلة الإصلاح الإسلامي؟
وقبل الدخول في بحث طبيعة المسار الإصلاحي في عصر الإمام الباقر (عليه السلام) لابد من أن نعيد إلى الأذهان مجددا أن خطوات الإمام الإصلاحية إنما تحدد وجهتها وفقا للظروف العامة المحيطة به، ومنها.