الفكرة الثورية للإطاحة بالحكم السياسي:
خرج " زيد بن علي " (ت 121 ه) أخو الإمام الباقر (عليه السلام) طالبا الثورة على السلطة الظالمة وإقامة الحق والعدالة الاجتماعية التي دعا لها الاسلام. ولسنا بصدد مناقشة خروج زيد بن علي (رضوان الله عليه)، فقد كان خروجا نابعا من شعوره بالمسؤولية. إلا أن السؤال الذي طرح في المقام هو: إذا كان زيد قد دعا للثورة ضد الظلم، فلماذا لم يخرج الإمام الباقر (عليه السلام) وهو الإمام المظلوم الذي أغتصب حقه في الولاية؟ لابد أن ندرك - في معرض الجواب على هذا السؤال - طبيعة الفرق بين الأخوين " محمد بن علي " الباقر (عليه السلام) و " زيد بن علي ". فالفرق بين طبيعة هاتين الشخصيتين يعكس الفرق بين طبيعة المعصوم وغير المعصوم أو الفرق بين طبيعة الفاضل والمفضول. نعم، لعلهما كانا بنفس الدرجة من الحماس والاندفاع نحو محاربة الظلم وإقامة الحق والعدالة الاجتماعية. إلا أن الإمام المعصوم يدفعه دائما نحو العمل: الكمال في فهم الحكم الشرعي " الواقعي " الذي لا يحتمل فيه الخطأ أبدا. ولا شك أن ذلك الفهم مستمد من روح الرسالة وطبيعتها الغيبية في إنجاز الوظيفة الشرعية في الخروج أو البقاء. بينما كان دافع " زيد بن علي " هو إدراك الحكم " الظاهري " الذي يحتمل فيه الخطأ أو الصواب والذي يفهمه من ظواهر الكتاب والسنة. والى ذلك يشير: " والله ما خرجت، ولا قمت مقامي هذا، حتى قرأت القرآن، وأتقنت الفرائض، وأحكمت السنة والآداب، وعرفت التأويل كما عرفت التنزيل، وفهمت الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه، والخاص والعام، وما تحتاج إليه الأمة في دينها مما لا بد لها منه، ولا غنى عنه وإني لعلى بينة من ربي... " (1). وهذا الإلمام في فهم الشريعة