رابعا: حجية العقل في استنباط الأحكام: انفرد فقهاء الإمامية عن بقية المذاهب الإسلامية فاعتبروا العقل أحد المنابع الأربعة - الكتاب والسنة والإجماع والعقل - لاستنباط الأحكام الشرعية، وهذا ما أكسب فقه أهل البيت (عليهم السلام) حيوية وأصالة. فقد أضفوا على العقل أسمى ألوان التقديس، فاعتبروه رسول الله الباطني، وأنه مما يعبد به الرحمن، ويكتسب به الجنان، ومن البديهي أن الرجوع إلى حكم العقل يكون فيما لو لم يكن في المسألة نص وإلا فهو حاكم عليه.
وكما استعرضنا لنماذج من تفسير الإمام للقرآن الكريم، نعرض لعينات من المسائل الفقهية التي أثرت عنه، إذ ليس من المستطاع الإلمام بما ورد عنه (عليه السلام) من مسائل فإن ذلك يستدعي تدوين موسوعة فقهية كبيرة، وما لا يدرك كله لا يترك جله.
المسح على الخفين:
روى مخول بن إبراهيم، عن قيس بن الربيع قال: سألت أبا إسحاق عن المسح فقال: أدركت الناس يمسحون حتى لقيت رجلا من بني هاشم لم أر مثله قط، محمد بن علي بن الحسين، فسألته عن المسح على الخفين فنهاني عنه، وقال: لم يكن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) يمسح، وكان يقول: سبق الكتاب المسح على الخفين.
قال أبو إسحاق: فما مسحت منذ نهاني عنه.
قال قيس بن الربيع: وما مسحت أنا منذ سمعت أبا إسحاق (1).
هذا وقد جوز فقهاء المذاهب الاسلامية الأخرى المسح على الخفين في