حتى إذا ظفروا بما طلبوا * من الحال اللطيفة وغدا الموالي منهم فرحا * بما تحوي الصحيفة خانوا الخليفة عهده * بتعسف الطرق المخوفة باعوا الأمانة بالخيانة * واشتروا بالأمن جيفة ضاقت قبور القوم وات * - سعت قصورهم المنيفة من كل ذي أدب ومع * - رفة وآراء حصيفة متفقه جمع الحدي * - ث إلى قياس أبي حنيفة فأتاك يصلح للق * - ضا بلحيفة فوق الوظيفة لم ينتفع بالعلم إذ * شغفته دنياه الشغوفة نسي الإله ولاذ في * الدنيا بأسباب ضعيفة (1) هذا وقد استقطب نشاط الإمام المكثف الكثير من رواد المعرفة الإسلامية، وشد إليه الرحال من جميع أطراف الدولة الإسلامية المترامية، تلامذة ومحاورون وطالبو علم، وقصده أغلب رجالات الفكر من معتزلة ومتصوفة وخوارج وسواهم، للمناظرة أو للإصابة من فيض علمه المتدفق (2).
ففي جو منيت فيه الحركة العلمية بكثير من الجمود والخمول، فلم يعد لها أي ظل على واقع الحياة، فقد جرفت الناس التيارات السياسية، وتهالكت البيوتات الرفيعة على الظفر بالحكم، أطل الإمام أبو جعفر (عليه السلام) على ذلك العصر الذي أصابه الركود في مختلف ميادين الحياة فوجه الإمام بحكم قيادته الروحية وحنكته العلمية، جهده لإعادة مجد الأمة، وبناء كيانها الحضاري. فرفع منار العلم، واقام صروح الفكر، وقد انصرف عن كل تحرك سياسي، واتجه صوب العلم وحده متفرغا له، يقول المستشرق رونلدس: