شرق البلاد وغربها في ثلث قرن من الزمن تقريبا لا أكثر.
وشاء الله لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) وفقههم فقه علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي أخذه عن الرسول (عليه السلام) بلا واسطة أن ينسبا إلى حفيده جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) الذي اشترك مع أبيه (عليه السلام) في تأسيس جامعته واستقل بها بعد وفاته، لا لأن له رأيا في أصول المذهب أو فقهه يختلف فيهما عن آبائه وأحفاده، وهو القائل: حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث رسول الله وحديث رسول الله هو قول الله، لا لذلك، بل لأنه وأباه تهيأ لهما ما لم يتهيأ لغيرهما واستطاعا في تلك الفترة القصيرة المشحونة بالأحداث التي كانت كلها لصالحهما - إلى حد ما - أن يملأ شرق الأرض وغربها بآثار أهل البيت وفقههم، ويحققا ما لم يتيسر تحقيقه لمن سبقهما ومن جاء بعدهما؛ لذلك نسبا إلى الإمام الصادق كما يبدو ذلك لكل من تتبع آراء أهل البيت في فقههم ومعتقداتهم (1).
وكما أن الدنيا مدينة اليوم لخاتم الرسل وسيد الكائنات محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله)، لما أنقذها من أسر العبودية، وانتشلها من ظلمات الجهل والتخلف والانحطاط، وثبت أقدام الناس ودلهم على الطريق السوي.. وهداهم إلى الصراط المستقيم، فكانوا خير أمة أخرجت للناس، كذلك هي مدينة لآل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لما حمل الأمة صلوات الله وسلامه عليه كل الأمة بلا استثناء، ودون حدود زمنية، من حفظ عترته أهل بيته من بعده، والتمسك بحبل ولائهم، ومعاداة أعدائهم.
والأمة مدينة بالأخص للإمامين الصادقين: محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام)، لما فتحا عليها من آفاق العلم والمعرفة، إذ دخلا دنيا العلوم من أوسع أبوابها الرحبة، حتى نشأت في عصريهما وما تلاهما من