إن صدق الزجر فإنه سيقتل منا نصف وينجو الباقون، فقيل له ومن أين علمت؟
قال أما ترون الرجل المقبل مصابا بإحدى عينيه، فلما وصل إليهم قال لحجر: ان أمير المؤمنين (يعني معاوية) أمرني بقتلك يا رأس الضلال ومعدن الكفر والطغيان والمتولي لأبي تراب وقتل أصحابك إلا أن ترجعوا عن كفركم وتلعنوا صاحبكم وتتبرؤن منه، فقال حجر وجماعة ممن كان معه: ان الصبر على حد السيف لأيسر علينا مما تدعونا إليه ثم القدوم على الله وعلى نبيه وعلى وصيه أحب إلينا من دخول النار، وأجاب نصف من كان معه إلى البراءة من علي " ع "، فلما قدم حجر ليقتل قال دعوني أصلي ركعتين، فجعل يطول في صلاته فقيل له أجزعا من الموت؟ فقال لا ولكني ما تطهرت للصلاة قط إلا صليت وما صليت قط أخف من هذه فكيف لا اجزع واني لأرى قبر محفورا وسيفا مشهورا وكفنا منشورا، ثم قدم فنحر، والحق به من وافقه على قوله من أصحابه.
وقيل: ان قتلهم كان في سنة خمسين.
(كميل بن زياد): كان من خواص أصحاب أمير المؤمنين " ع " وكان من الزهد والتقوى بمكان. ودعاء كميل الذي ورد قراءته في ليلة النصف من شهر شعبان وفي ليالي الجمعة منسوب إليه علمه إياه أمير المؤمنين (عليه السلام).
قال المفيد (ره): روى جليل عن المغيرة قال: لما ولي الحجاج طلب كميل ابن زياد فهرب منه، فحرم قومه عطاهم فلما رأى كميل ذلك قال انا شيخ كبير وقد نفد عمري لا ينبغي أن أحرم قومي عطاهم فخرج فدفع بيده إلى الحجاج، فلما رآه قال لقد كنت أحب ان أجد عليك سبيلا، فقال له كميل: لا تصرف على أنيابك ولا تهدم علي فوالله ما بقى من عمري إلا مثل كواهل العباد فاقض ما أنت قاض فان الموعد الله وبعد القتل الحساب ولقد خبرني أمير المؤمنين " ع " انك قاتلي، فقال له الحجاج: الحجة عليك إذن، فقال له كميل ذاك إذا كان القضاء إليك، قال بلى قد كنت فيمن قتل عثمان بن عفان، اضربوا عنقه فضربت عنقه رضوان الله عليه وفي شرح النهج لابن أبي الحديد: كميل بن زياد بن بهيل بن هيثم بن سعد