القوم وصليل الحديد في الهام.
قال: وصاح عمرو بن العاص بعبد الرحمن بن خالد بن وليد أقحم يا بن سيف الله فتقدم عبد الرحمن بلوائه، وتقدم أصحاب علي " ع " وصاح بالأشتر انه قد بلغ لواء معاوية حيث ترى، فدونك القوم فأخذ الأشتر لواء علي " ع " فضارب القوم حتى ردهم.
وقال ابن الصباغ في (الفصول المهمة): ولما أصبح صباح ليلة الهرير عن ضيائه وحسر الليل عن ظلمائه كانت عدة القتلى من الفريقين ستة وثلاثون ألفا.
وكانت هذه الليلة ليلة الجمعة، وأصبح أمير المؤمنين (عليه السلام) والمعركة كلها خلف ظهره وهو في قلب معسكره، والأشتر في الميمنة، وابن عباس في الميسرة، والناس يقبلون من كل جانب، ولوائح النصر لائحة لأمير المؤمنين " ع " والأشتر يزحف في الميمنة يقاتل بها ويقول لأصحابه: ازحفوا بأبي أنتم وأمي قيد هذا الرمح، ويزحف بهم زحفة ثانية ويقول: ازحفوا قيد هذا القوس، وكلما اقتتلوا يزحف نحو أهل الشام ويقول مثل ذلك حتى ظهر الظفر من ناحيته، وكان الامام يمده برجال.
وقال ابن أبي الحديد: قال ابن ديزل الهمداني: ولما اشتد القتال دعى علي " ع " ببغلة رسول الله (ص) فركبها ثم تعصب بعمامة رسول الله (ص) ونادى: أيها الناس من يشري نفسه لله، ان هذا يوم له ما بعده؟ فانتدب معه اثني عشر ألف رجل، فحمل " ع " وحمل كلهم حملة واحدة فلم يبق لأهل الشام صف إلا أزالوه حتى أفضوا إلى معاوية بفرسه ليفر.
قال: وكان معاوية يحدث الناس بعد ذلك ويقول لما وضعت رجلي في الركاب ذكرت قول الشاعر: (مكانك تحمدي أو تستريحي) قال: فقال معاوية لابن العاص اعمل تدبيرا وإلا أخذنا! فقال عمرو ترفع المصاحف وندعوهم إليها! قال أصبت! فرفعوها وكان عدتها خمسمائة وصاحوا الله الله في النساء والبنات، الله الله في دينكم، هذا كتاب الله بيننا وبينكم!