وعبأت الخوارج لعنهم الله تعالى أنصارهم وأصحابهم فجعلوا على ميمنتهم زيد بن قيس الطائي وعلى ميسرتهم شريح بن أوفى العبسي وعلى خيلهم حمزة بن سنان الأسدي وعلى رجالتهم حرقوص بن زهير السعدي.
وأعطى أمير المؤمنين " ع " لأبي أيوب الأنصاري راية أمان، فناداهم أبو أيوب من جاء إلى هذه الراية فهو آمن ممن لم يكن قتل ولا تعرض لاحد من المسلمين بسوء ومن انصرف منكم إلى الكوفة فهو آمن، ومن انصرف إلى المدائن فهو آمن لا حاجة لنا بعد أن نصيب قتلة إخواننا في سفك دمائكم، فانصرف عروة بن نوفل الأشجعي في خمسمائة فارس، وخرج طائفة أخرى منصرفين إلى الكوفة، وطائفة أخرى إلى المدائن، وتفرق أكثرهم بعد أن كانوا اثني عشر ألفا، فلم يبق منهم غير أربعة آلاف! فزحفوا إلى أمير المؤمنين (ع) وأصحابه.
فقال عليه السلام لأصحابه: كفوا عنهم حتى يبدؤكم، فنادوا الرواح الرواح إلى الجنة، فحملوا على الناس، فتفرق خيل أمير المؤمنين (ع) فرقتين حتى صاروا بينهم. عطفوا عليهم من الميمنة والميسرة واستقبلت الرماة وجوههم بالنبل وعطفت عليهم الرجالة بالسيوف والرماح، فما كان بأسرع من أن قتلوهم عن آخرهم، وكانوا أربعة آلاف، فلم يفلت منهم إلا تسعة أنفس لا غير، وغنم أصحاب أمير المؤمنين (ع) غنائم كثيرة، وقتل من شيعة علي عليه السلام رجلان، ولم يسلم من الخوارج المقتولين غير التسعة.
وهذه كرامة من كرامات أمير المؤمنين (ع) حيث قال قبل ذلك: نقتلهم ولا يقتل منا عشرة ولا يسلم منهم عشرة.
قال أبن الأثير: قد روى جماعة: ان عليا عليه السلام كان يحدث أصحابه قبل ظهور الخوارج لعنهم الله: ان قوما يخرجون يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية علامتهم رجل مخدع اليد، سمعوا ذلك منه مرارا.
فلما خرج أهل النهروان وكان منه معهم ما كان، فلما فرغ أمر أصحابه ان يطلبوا المخدع؟ فالتمسوه، فقال بعضهم: ما نجده، حتى قال بعضهم: ما هو فيهم وهو