حارب الله ورسوله انف الاسلام واني قد عجنت هذا الرجل - يعني أبا موسى - وحلبت أشطره فوجدته كليل الشفرة قريب القعر وانه لا يصلح لهؤلاء القوم إلا رجل يدنو منهم حتى يكون في أكفهم ويتباعد عنهم حتى يكون بمنزلة الفحم منهم، فان شئت ان تجعلني حكما فاجعلني، وان شئت ان تجعلني ثانيا وثالثا فاجعلني، فان عمرو لا يعقد عقدة إلا حللتها ولا يحل عقدة إلا عقدت لك عقدة أشد منها، فعرض أمير المؤمنين " ع " ذلك على الناس فقالوا لا يكون الا أبا موسى.
قال عبد الحميد: قال نصر فلما رضى أهل الشام بعمرو وأهل العراق بابي موسى اخذوا في سطر كتاب الموادعة وكانت صورته: " بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تقاضي أمير المؤمنين ومعاوية بن أبي سفيان " فقال معاوية بئس الرجل انا أن أقررت انه أمير المؤمنين ثم قاتلته.
وقال عمرو بل يكتب اسمه واسم أبيه إنما هو أميركم، واما أميرنا فلا، فلما أعيد الكتاب أمر بمحوه، فقال الأحنف: لا تمح أسم أمير المؤمنين فاني أتخوف ان محوتها ان لا ترجع إليك ابدا فلا تمحها، فقال علي " ع ": ان هذا اليوم كيوم الحديبية حين كتب الكتاب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): هذا ما يصالح به محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسهيل بن عمرو، فقال سهيل لو اعلم انك رسول الله لم أقاتلك ولم أخالفك! اني اذن لظالم لك ان منعتك ان تطوف ببيت الله الحرام وأنت رسوله! ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي اني لرسول الله واني محمد بن عبد الله ولن يمحو عني الرسالة كتابي لهم فامحها واكتب لهم ما أراد محوه، اما ان لك مثلها ستعطيها وأنت مضطهد.
قال نصر بن مزاحم وقد روي أن عمرو بن العاص عاد بالكتاب إلى علي (عليه السلام) فطلب منه ان يمحو اسمه من إمرة المؤمنين، فقص عليه وعلى من خصه قصة الحديبية قال ذلك الكتاب أنا كتبته بيننا وبين المشركين واليوم اكتب إلى أبنائهم، ما كان رسول الله (ص) كتبه إلى آبائهم شبها ومثلا، فقال عمرو سبحان الله أتشبهنا بالكفار ونحن مسلمون! فقال (عليه السلام) يا بن النابغة ومتى لم تكن من المشركين ومتى لم تكن