من أجاب إلى كتاب الله، ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط وابن أبي سرح وابن سملة ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، إني أعرف بهم منكم، صحبتهم صغارا ورجالا فكانوا شر صغار وشر رجال، ويحكم إنها كلمة حق يراد بها باطل، إنهم ما رفعوها وأنهم يعرفونها ويعملون بها ولكنها الخديعة والوهن والمكيدة فأعيروني سواعدكم ساعة واحدة، فقد بلغ الحق مقطعه، فلم يبق إلا أن يقطع دابر القوم الذين ظلموا، فجائه من أصحابه عشرون ألفا غارقين في الحديد شاهرين سيوفهم على عواتقهم قد اسودت جباههم من السجود يقدمهم مسعر بن فدكي وزيد بن حصين وعصابة من القراء الذين صاروا خوارج من بعد فنادوا باسمه لا بإمرة المؤمنين يا علي أجب إلى كتاب الله إذا دعيت إليه وإلا قتلناك كما قتلنا ابن عفان، فوالله لنفعلنها إن لم تجبهم؟ فقال لهم:
ويحكم أنا أول من دعا إلى كتاب الله وأول من أجاب إليه وليس يحل لي ولا يسعني في ديني أن أدعى إلى كتاب الله فلا أقبله، إني إنما قاتلتهم ليدينوا بحكم القرآن فإنهم قد عصوا الله فيما أمرهم ونقضوا عهده ونبذوا كتابه، قد أعلمتكم إنهم كادوكم وإنهم ليس العمل بالقرآن يريدون، قالوا فابعث إلى الأشتر ليأتينك.
قال ابن أبي الحديد قال نصر وقد كان الأشتر صبيحة ليلة الهرير قد أشرف على عسكر معاوية ليدخله، فأرسل إليه يزيد بن هاني أن ائتيني؟ فأتاه فأبلغه، فقال الأشتر أئته فقل له ليس هذه الساعة التي ينبغي لك أن تزيلني عن موضعي إني قد رجوت الفتح فلا تعجلني، فرجع يزيد بن هاني إلى أمير المؤمنين (ع) فأخبره فما هو إلا انتهى إليه حتى ارتفع الرهج وعلت الأصوات من قبل الأشتر وظهرت دلائل الفتح والنصر لأهل العراق، ودلائل الخذلان والإدبار لأهل الشام، فقال القوم لعلي (ع) والله ما نراك أمرته إلا بالقتال، قال أرأيتموني شاورت رسولي إليه؟ إنما كلمته على رؤوسكم وعلانية أنتم تسمعونها، قالوا إن بعثت إليه فليأتك وإلا والله اعتزلناك، فقال (عليه السلام) ويحك يا يزيد قل له أقبل، فإن الفتنة قد وقعت، فأخبره فقال الأشتر ألا ترى يا يزيد إلى الفتح؟ ألا ترى إلى الذي يصنع الله لنا، أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه؟ فقال له يزيد: أتحب أنك ظفرت وأن أمير المؤمنين بمكانه الذي هو فيه