واغزل بالمغزل وكانت معهن لي مؤانسة فبينا أنا ذات يوم جالسة مع نساء المهاجرين والأنصار إذ أقبلت علينا عجوز وفي يدها سبحتها وهي تتوكأ على عصاة فسلمت فرددنا عليها السلام ثم سألت اسم كل واحدة منا ثم أتت إلي وقالت يا صبية ما اسمك قلت جميلة، قالت بنت من؟ قلت بنت عامر الأنصاري، قالت ألك أب أو بعل؟ قلت لا قالت فكيف تكونين على هذه الحالة وأنت صبية جميلة وأظهرت التحنن علي، ثم بكت وقالت هل تريدين امرأة تكون معك تؤنسك وتكون قائمة بما تحتاجيه فقلت لها وأين تلك المرأة قالت أنا أكون بمنزلة الوالدة الشفيقة، فقلت لها من رغبتي البيت بيتك وكان لي بذلك فرح عظيم ثم دخلت معي الحجرة فطلبت ماء وتوضأت فلما فرغت قلت لها: الحمد لله الذي يسر لي ورحم ضعفي فقدمت إليها خبزا ولبنا وتمرا فنظرت إليه وبكت فقلت مم بكاؤك قالت يا بنية ليس هذا طعامي، فقلت وأي طعام معهودك؟ فقالت قرص من الشعير معه قليل من الملح، فأحضرت ذلك فبكت وقالت:
يا بنية ما هذا وقت أكلي ولكن إذا فرغت من صلاة العشاء احضري لي ذلك حتى أفطر لأني صائمة، ثم قامت إلى الصلاة فلما فرغت من صلاة العشاء قدمت إليها قرصين من الشعير وملحا، فقالت احضري لي قليلا من الرماد فأحضرته لها فمزجت الملح بالرماد وتناولت قرصا من الشعير فمزجت الملح بالرماد وتناولت قرص الشعير فأكلت منه ثلاث لقمات مع الملح والرماد ثم قامت وشرعت في الصلاة فما زالت تصلى حتى أن طلع الفجر فدعت بدعاء لم اسمع أحسن منه، ثم اني قمت وقبلت ما بين عينيها وقلت بخ بخ لمن تكوني عندها دائمة فأسألك بحق محمد نبي الله (ص) ان تدعي لي بالمغفرة فلا شك ان دعاءك لا يرد، ثم أنت صبية جميلة وانا أخاف عليك من الوحدة ولا بد لي من الخروج إلى الحاجة فلا بد ان تكون لك أنيسة تؤنسك فقلت لها اني يكون لي ما تقولين قالت إن لي ابنة هي أصغر سنا منك عاقلة موقرة متعبدة آتيك بها كي تؤنسك، فقلت افعلي، وخرجت ومضت زمانا ثم رجعت وحدها فقلت لها أين أختي التي وعدتني بها؟ فقالت إن ابنتي وحشية من الناس آنسها مع ربها وأنت صبية مزوحية ضحوكة ونساء المهاجرين والأنصار يترددن إليك وانا أخاف إذا جاءت