كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ١٩
كريته إذا لاقته النجاسة على وجه قوى إذ كما أن الكرية شرط وقد شك فيها فكذلك الطهارة شرط وقد شك فيها مع امكان الفرق بان الشرط عدم العلم بالنجاسة قبل البلوغ لا الطهارة انتهى وفيه ان السيد ادعى الاجماع على الحكم بطهارة الماء المذكور وقد اعترف بهذا الحكم من خالفه في المسألة كالفاضلين والشهيد واما الماء المشكوك في كريته فلا معنى للتوقف فيه لان المرجع فيه إما أصالة عدم الكرية أو أصالة بقاء الطهارة أو تساقطهما والرجوع إلى قاعدة الطهارة واما قوله إذ كما أن الكرية شرط الخ فلم احصل معناه فان الكرية شرط مخالف للأصل فالأصل عدمها عند الشك والطهارة إما شرط لدفع الكر النجاسة لكنه مطابق للأصل والأصل بقائها عند الشك ولا حاجة إلى ما ذكره من الفرق مع أن فيه ما فيه (وما كان منه) أي من الماء المحقون يبلغ من حيث الوزن أو المساحة (كرا فصاعد الا ينجس) الا ان يغير عين النجاسة ولو في ضمن المتنجس (أحد) أوصافه على التفصيل المتقدم في الجاري بلا خلاف نصا وفتوى الامام توهمه عبارة المفيد وسلار على ما يأتي وظاهر النص والفتوى كون الكرية مانعة عن نجاسة الماء إما النص فلان المستفاد من الصحيح المشهور إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه ان الكرية علة لعدم التنجيس ولا نعنى بالمانع الا ما يلزم من وجوده العدم واما قوله صلى الله عليه وآله خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ الا ما غير لونه وقوله (ع) في صحيحة حريز كلما غلب الماء ريح الجيفة فتوضأ واشرب ونحو ذلك فهى وإن كانت ظاهرة في كون القلة شرطا في النجاسة بناء على أن القليل هو المخرج عن عمومه فلا بد من احرازها في الحكم فإذا شك في كون ماء خاص قليلا أو كثير أوجب الرجوع إلى تلك العمومات الا انه لما دلت اخبار الكر كما تقدم على كون الكرية مانعة ونفس الملاقاة سببا بل هذه الأخبار بنفسها دالة على هذا المعنى حيث إن الخارج منها هي القلة وهي أمر عدمي باعتبار فصلها يرجع الامر بالآخرة إلى مانعية الكثرة التي هي مفاد اخبار الكثير فكان اللازم تقييد الماء في هذه الأخبار بالكثير جزء داخلا في موضوع الماء المحكوم بعدم الانفعال فتلك العمومات ليست من قبيل ما كان من عنوان العام مقتضيا للحكم وعنوان المخصص مانعا هذا كله مضافا إلى ما دل بعمومه على انفعال الماء خرج منه الكر مثل قوله (ع) في الماء الذي يدخله الدجاجة الواطية للعذرة انه لا يجوز التوضي منه الا ان يكون كثيرا قدر كر من الماء وقوله (ع) فيما يشرب منه الكلب الا ان يكون حوضا كبيرا يستسقى منه فان ظاهرهما كون الملاقاة للنجاسة سببا لمنع الاستعمال والكرية عاصمة ومن هنا يظهر انه لا بد من الرجوع إلى أصالة الانفعال عند الشك في الكرية شطرا وسيأتي ضعف ما يحتمله بعضهم في هذا المقام سواء شك في مصداق الكر كما إذا شك في كرية ماء مشكوك المقدار غير مسبوق بالكرية أم في مفهوم كما إذا اختلف في مقدار الكرا وفي اعتبار اجتماعه أو استواء سطوح اجزائه ولم يكن هناك اطلاق في لفظ الكر ونحوه يرجع إليه ووجه الرجوع إلى العموم في الأخيرين واضح لأن الشك في التخصيص وكذا الوجه في الرجوع إليه مع الشك في المصداق إذا كان الماء مسبوق بالقلة لاستصحاب عدم الكرية ومثل هذا الاستصحاب وإن كان مخدوشا عند التدقيق لعدم احراز الموضوع فيه الا ان الظاهر عرفا من أدلة الاستصحاب شموله وأما إذا لم يكن مسبوق بالكرية إما لفرض وجوده دفعه واما للجهل بحالته السابقة لترادف حالتي الكرية والقلة عليه فقد يتأمل في الرجوع فيه إلى العمومات بناء على أن الشك في تحقق ما علم خروجه كما في قولك أكرم العلماء الا زيدا إذ شك في كون عالم زيدا أو عمرو ولا يلزم من الحكم بخروجه مجازا ومخالفة ظاهر محوجة إلى القرينة الا ان الأقوى فيه الرجوع إلى العموم إما لان أصالة عدم الكرية وان لم يكن جارية لعدم تحققها سابقا الا ان أصالة عدم وجود الكر في هذا المكان يكفي لاثبات عدم كرية هذا الموجود بناء على القول بالأصول المثبتة واما لأن الشك في تحقق مصداق المخصص يوجب الشك في ثبوت حكم الخاص له والأصل عدم ثبوته فإذا انتفى حكم الخاص ولو بالأصل ثبت حكم العام إذ يكفي في ثبوت حكم العام عدم العلم بثبوت حكم الخاص دون العكس فتأمل والفرق بين المثال وما نحن فيه ان في الاجراء المثال دائر بين المتبائنين وفيما نحن فيه بين الأقل والأكثر والمتيقن خروج المعلومات واما لان عنوان المخصص في المقام من قبيل المانع عن الحكم الذي اقتضاه عنوان العام فلا يجوز رفع اليد عن المقتضى الا إذا علم بالمانع ومع الشك فالأصل عدم المانع وإن كان ذات المانع كالكرية فيما نحن فيه غير مسبوق بالعدم و الفرق بين ما نحن فيه وبين المثال ان عنوان المخصص في المثال ليس من قبيل المانع بل هو قسيم فكان العام عند من المتكلم منقسم إلى قسمين كل منهما يقتضى حكما مغايرا لما يقتضيه الأخر ولأجل بعض ما ذكرنا افتى جماعة كالفاضلين والشهيد بنجاسة الماء المشكوك في كريته نظر إلى أصالة عدم الكرية الحاكمة على استصحاب طهارة الماء ويمكن حمل كلامهم على الغالب وهو البلوغ تدريجا فلا يشمل ما لم يكن مسبوق بالقلة نعم احتمل في موضع من المنتهى الرجوع إلى استصحاب الطهارة مستدلا عليه بقاعدة اليقين والشك ولعله لاعتضاده بقاعدة الطهارة والا فقاعدة اليقين جارية في الكرية غالبا بل دائما كما عرفت ومما ذكرنا يظهر ما في كلام بعض انه إذا شك في شمول اطلاقات الكر واطلاقات القليل لبعض الافراد فالأصل يقضى بالطهارة وعدم تنجسه بالملاقات نعم لا يرفع الخبث به بان يوضع فيه كما يوضع في الكر والجاري وإن كان لا يحكم عليه بالنجاسة بمثل ذلك بل يحكم بالطهارة فيؤخذ منه ماء ويرفع به الخبث على نحو القليل ولا مانع من رفع الحدث به لكونه ماء طاهر أقول والسر في ذلك أن احتمال الكرية كافية في حفظ طهارته و عدم تنجسه ولكن لا يكفي ذلك في الأحكام المتعلقة بالكر كالتطهر به من الأخباث بوضع المتنجس في وسطه ونحو ذلك ثم جواز التطهير به على هذا النحو
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263