الأحوط الثاني لان التراوح مطهر مع الغلبة فإذا انتفت مع نجاسة البئر كان مقتضى الدليل طهرها بنزح الجميع ولو تبين في أثناء نزح الجميع غلبة الماء وتعذر نزحها أو عرضت بعد عدمها فالأقوى في الصورة الأولى كون ما نزح محسوبا من التراوح إذا فرض اجتماعه الشروط وفى المقام فروع كثيرة لكن فائدتها (بعد البناء على) استحباب النزح يسيرة والله العالم (وينزح كر) تقدم تحديده وزنا ومساحة (ان مات فيها دابة) والظاهران المراد بها هنا الخيل كما عن بعض (أو حمار أو بقرة) إما الحمار فلا كلام فيه ففي رواية عمر بن سعيد بن هلال سئلت أبا جعفر (ع) عما يقع في البئر ما بين الفارة والسنور إلى الشاة كل ذلك يقول سبع دلاء قال حتى بلغت الحمار فقال كرمن ماء قال وأقل ما يقع في البئر عصفور ينزح منها دلو واحد وفى المعتبر عطف البغل على الحمار وهي زيادة معتبرة ويظهر من سوق الرواية عموم حكم الحمار لما ماثلها في الجثة جعل الحيوانات أصنافا بحسب الجثة فيشمل البقرة ولو كان في الرواية لفظ الجمل احتمل إرادة ما بينهما في الجثة وفى صحيحة ابن سنان إذا سقط في البئر دابة صغيرة أو نزل فيه حية ينزح منها سبعة دلاء وان مات فيها ثور أو نحوه أو صب فيها خمر ينزح الماء كله وفى صحيحة الفضلاء زرارة ومحمد بن مسلم ويزيد بن معاوية عن أبي عبد الله (ع) وأبى جعفر (ع) في البئر يقع فيها الدابة أو الفارة أو الكلب والطير فيموت قال يخرج ثم ينزح من البئر دلاء والظاهر أن المراد من الدابة الصغيرة المماثلة للسنور والكلب دون ما يدب على الأرض كما فسرها به أولا في الصحاح ولا خصوص ما يركب كما فسرها به ثانيا لأن الظاهر أنه أراد ما يقرب من الشاة والكلب والسنور وأشباهها لكن العلامة قده استظهره منها بعد نفى الأول وجعل اللام إما للعموم واما لتعريف الميتة فيفيد العموم قال فإذا ثبت ذلك دخل فيها الحمار والفرس والبغل والبقر والإبل غير أن الإبل والثور خرجا بما دل على نزج الجميع لهما قال فان قلت يلزم التسوية بين ما عده الامام قلت خرج ما استثنى بدليل منفصل فيبقى الباقي لعدم المعارض وأيضا التسوية حاصلة من حيث الحكم بوجوب نزح الدلاء وان افترقت بالقلة والكثرة وذلك شئ لم يتعرض (ع) له ظاهران لقايل أن يقول إن ما ذكرتموه لا يدل على بلوغ الكرية ويمكن التمحل بان يحمل الدلاء على ما يبلغ الكر جمعا بين المطلق والمقيد خصوصا مع الاتيان بجمع الكثرة لا يقال إن حمل الجمع على الكثرة استحال إرادة القلة منه والا لزم الجمع بين إرادتي الحقيقة والمجاز وان حمل على القلة كذلك لأنا نقول لا نسلم استحالة الثاني سلمناه ولكن ان حمل على معناه المجازى وهو مطلق الجمع لم يلزم ما ذكرنا على أن لنا في كون الصيغ المذكورة حقايق في الكثرة أو مجازات نظر أو بعض المتأخرين استدل بهذه الرواية على وجوب النزح للحمار دون الفرس والبقرة والحقهما بما يرد لم فيه نص وقد روى مثل هذه الروايات البقباق عن أبي عبد الله (ع) انتهى ولا يخلو كلامه قدس من مواقع للنظر ثم الظاهر أن مراده ببعض المتأخرين المحقق في المعتبر لكنه قده لم يستدل برواية الفضلاء بل برواية ابن سعيد المتقدمة الناصة على حكم الحمار ثم اورد رواية الفضلاء قال هذه لم يتضمن قدر الدلاء التي ينزح ومن المحتمل ان يكون مما يبلغ الكر فيكون العمل بالمبنية أولي ثم ذكر الفرس والبقر ونسب الحاقهما بالحمار إلى الثلاثة وطالبهم بدليل الالحاق فان احتجوا برواية ابن سعيد قلنا هي مقصورة على الحمار والبغل فان قالوا هي مثلها في العظم طالبناهم بدليل التخطي إلى المماثل من أين عرفوه ولو ساغ البناء على المماثلة في العظم لكانت البقرة كالثور ولكان الجاموس كالجمل وربما كانت الفرس في عظم الجمل ثم قال ومن المقلدة من لو طالبة بدليل المسألة لادعى الاجماع بوجوده في الكتب الثلاثة وهو غلط وجهالة ان لم يكن تجاهلا قال فالأوجه ان يجعل الفرس والبقرة في قسم ما لم يتناوله نص على الخصوص انتهى كلامه رفع مقامه وهو في غاية الجودة الا انا قد ذكرنا انه قد يفهم من الاخبار ان المراد بالحمار والبغل أمثال ما كان في جثتهما ويخرج ما خرج بالدليل كالثور والجمل ولذا عمم جماعة الحكم فذكر في السرائر الخيل والبغال والحمير أهلية كانت أو غير أهلية والبقرة وحشية أو غير وحشية أو ما ماثلها في مقادر الجسم وادعى في الغنية الاجماع على الخيل وشبهها وهو مراد المحقق ببعض المقلدة في عبارته المتقدمة وعن الوسيلة والا مباح الحمار والبقرة وما أشبههما وعن المهذب من الخيل والبغال والحمير وما أشبههما في الجسم والظاهر أن الكل فهموا من رواية الحمار وغيرها ما ذكرنا من إرادة المثال بالجملة اخبار منزوحات البئر لا يكاد يمكن الالتيام بينهما الا ان ما فهمه الجماعة ليس ببعيد عن مساق الاخبار لكن نظر المحقق قده حيث أنكر عليهم إلى الصراحة أو الظهور اللفظي في الاخبار وانكاره في غاية الجودة كما أن انكار ظهور ما ذكرنا من سوق الاخبار في غير محله والله العالم ونزح سبعين دلوا بالدلو المعتاد على تلك البئر كما هو صريح بعض وظاهر ما سيذكره المصنف ان مات فيها انسان اجماعا كما عن الغنية والمنتهى وظاهر غيرهما ومستنده رواية عمار الساباطي عن رجل ذبح طيرا فوقع دمه في البئر قال ينزح منها دلاء هذا إذا كان ذكيا فهو هكذا وما سوى ذلك مما يقع في البئر فيموت فأكثره الانسان ينزح منها سبعون دلوا وأقله العصفور ينزح له دلو واحد وظاهر اللفظ يشمل الصغير والأنثى بلا خلاف وكذا الكافر على المشهور ونسب في الروض إلى الأصحاب وخالف فيه الحلى ووافق الإسكافي فحكم بالجميع مستدلا بان الكافر إذا وقع وخرج حيا وجب له نزح الجميع فكيف إذا مات فيها وفيه ما ذكره في المعتبر من وجوب الجميع الكافر الخ فان النص في موت الانسان نص على الكفار بعمومه وإذا لم يجب في ميتة الا سبعون فأولى في حيه انتهى وتوجهه ان مقتضى هذه الأولوية عدم اجتماع الحكم بوجوب الجميع للكافر الخ والسبعين له إذا مات في البئر فمقتضى القاعدة اخراج الكافر الخ عن حكم ما لا نص فيه لاطلاق الرواية بوجوب السبعين الكافر إذا مات فيها المستلزم لملاقاته لها حيا فيخرج عن موضوع ما لا نص فيه فما صنعه من تقييد الرواية لحكم ما لا نص فيه يشبه طرح أدلة اللفظية بمقتضيات الأصول
(٣٠)