كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ١٨
النجاسة فقد عرفت منعه في مسألة اعتبار الامتزاج وان أريد الاجماع على عدمه مع امتزاج المائين ففيه ان امتزاج فيما نحن فيه غير مؤثر في التطهير والتنجيس باتفاق الكل وان أريد عدم تبعض حكم المائين القليلين ففيه ان نظيره موجود في الماء القليل الوارد على الماء النجس إذا لم يجعله كرا فان الوارد على النجاسة لا ينفعل بمذهب السيد والحلى مع أنه لا يوجب طهارة ما ورد عليه باعترافهما وما اعتذر به بعضهم عن ذلك بأنهم يعتبرون في بقاء الوارد على الطهارة عدم استقراره قد عرفت ما فيه سابقا وكذا الماء الملاقى للماء النجس ولو لم يكن واردا بناء على مذهب العماني ومن تبعه فان الظاهر أنهم لا يقولون بتطهر النجس بمجرد ذلك وان أريد الاجماع على عدم تبعض في نفس هذه المسألة لان العلماء بين قولين ففيه انه لم يثبت الاجماع على بطلان القول الثالث فلا مانع منه إذا اقتضاه القواعد والأصول كما بين في الأصول واما ثانيا فلانه لو سلم الاجماع على الاتحاد كان المسلم منه ذلك مع الامتزاج إذ مع فرض التمايز قد عرفت في تطهير القليل انه لا مانع من تعدد حكم المائين المتواصلين والمفروض ان الامتزاج هنا ملقى وغير مؤثر في التطهير والتنجيس اجماعا والمدعى تأثير مجرد تواصلهما في التطهير واما ثالثا فلانه لا مسرح للأصل مع مفهوم قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ فإنه صادق على الماء المتمم انه قليل لاقي نجسا ودعوى ان ملاقاة القليل لهذا الماء وإن كانت متنجسة بحكم المفهوم الا انها علة لعدم الانفعال لحصول الكرية بمجرد الملاقاة فلا مرجح لاحد معلولي الملاقاة أعني الانفعال على الأخر وهو (عدمه) مدفوعة بان الملاقاة ليست علية لعدم الانفعال بل علة للكرية المانعة من الانفعال وإذا كان الشئ علة تامة للشئ استحال ان يكون علة لمانعه إذ بمجرد وجودها يحصل المعلول فلا مسرح لوجود المانع فلابد من رفع اليد عن مانعيه الكر في هذا المقام وتخصيص مانعيتها بما إذا يحصل بالملاقات بل كانت قبلها وان شئت قلت إن ظاهر الرواية سبق الكرية على الملاقاة ومما ذكرنا يظهر انه لا وجه لمنع كون القليل ملاقيا للنجس إذ بمجرد الملاقاة يزول النجاسة فان الملاقاة بنفسها لا يزيل النجاسة بل باعتبار حدوث الكرية والمفروض ان الملاقاة علة تامة بلا واسطة لتنجس الماء الطاهر فيصير المجموع نجسا (واما) الحديث ففيه أولا ضعف السند ودعوى الحلى اجماع المؤالف والمخالف عليه موهونه بما ذكره المحقق قدس سره من أنه لم يذكره من الخاصة الا جماعة مرسلين له ولم يعمل به من المخالفين الا ابن حي وفى التذكرة ان هذا الخبر لم يثبت عندنا وفى الذكرى انه عامي ولم يعمل به غير ابن حي (واما) الاجماع الذي ادعاه الحلى فهو أيضا قاصر عن جبر سند الخبر لان هذا القول لم يعرف ممن قبل السيد ولا ممن بعده الا جماعة نعم عمل المنكرين الاخبار الآحاد به يوجب جبرا له لكنه لا يبلغ حدا يطرح مع عمومات انفعال الماء القليل وثانيا ضعف دلالته على المدعى فان الظاهر من قوله لم يحمل خبثا بمقتضى كونها جملة فعلية تجدد الحمل وحدوثه فكأنه قال لم يحدث فيه حمل الخبث لأنه ينتفى عنه صفة الحاملية وإن كانت موجودة سابقا فيتحد معناه مع الروايات الصحيحة المشهورة إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ ولذا فسر الشيخ في موضع من التهذيب والاستبصار قوله (ع) إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجسه شئ بقوله لم يحمل خبثا وذكر أيضا في مسألة ان الجاري لم ينفعل بعد الاستدلال عليه بما دل على جواز البول فيه انه لا يحمل خبثا وثالثا بمعارضته مع ما دل على تنجس القليل بملاقات النجاسة الشامل للقليل المتمم فان تخصيصه بما إذا لم يمكن ملاقاته سببا لبلوغ الكرية ليس بأولى من اطراح هذا الفرد من عموم الرواية إما بحمل قوله (ع) لم يحمل على عدم حدوث النجاسة فيه فلا يشمل عدم بقائه لو كان حادثا من قبل أو بتقييد الماء بالطاهر هذا بناء على اعتبار طهارة المتمم واما من لا يعتبرها فهو وان لم يرد عليه عمومات انفعال القليل لكنه يرد عليه في مقام المعارضة ما دل على نجاسة ما يجتمع في الحمام من غسالة اليهود والنصارى وأولاد الزناء ومن هو شر منهم المعتضد بسيرة المسلمين على الاجتناب عن ما اجتمع من المياه النجسة وعموم قوله (ع) في رواية السكوني الماء يطهر ولا يطهر خرج منه تطهيره بماء معتصم يتصل به أو يمتزج معه وقوله (ع) سبحان الله كيف يطهر من غير ماء واما الثالث فقد أجاب عنه في المعتبر بان الماء المشار إليه نحكم بطهارته لا لان البلوغ كرا يرفع ما ان فيه من النجاسة بل لأنه في الأصل طاهر والنجاسة المشاهدة كما يحتمل ان يكون منجسة لوقوعها قبل الكرية يحتمل ان لا يكون منجسة بان يقع بعد البلوغ فالنجاسة مشكوك فيها فالترجيح بجانب اليقين انتهى فان قلت هذا الماء البالغ كرا الذي يوجد فيه النجاسة لم يكن مسبوقا بالطهارة انما المسبوق بها الماء المتردد بين هذا الكر والأقل منه وقد ثبت من الأدلة مثل قوله (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه وقوله (ع) في الماء الذي يقع فيه النجاسة انه لا يتوضأ منه الا ان يكون كثيرا قدر كر ان ملاقاة الماء للنجاسة مقتضية لتنجسه والكرية مانعة مع أن الكرية شرطا كان للطهارة أو مانعة عن النجاسة أمر وجود ى والأصل القلة فكما ان الماء المشكوك في كرية إذا اصابه نجاسة حكم بنجاسته على ما اعترف به المحقق قده في المعتبر في الفرع التاسع من فروع مسألة القليل مستدلا بان الأصل القلة فكذلك فيما نحن فيه حيث إن الماء الملاقى للنجاسة مشكوك الكرية والقلة فالأصل قلته وهذا الأصل وارد على أصالة طهارة الماء كما في الفرع المذكور قلت إن الملاقاة التي هي سبب للنجاسة لم يحرز وقوعها قبل الكرية فالأصل عدمها قبلها و الحاصل ان هنا حادثين مجهولي التاريخ فيرجع إلى أصالة طهارة الماء وقاعدتها فان المقام حقيق به وأجاب بعض المعاصرين بان الالتزام بعدم طهارة الماء المذكور ليس منكرا فلا يحكم عليه بالطهارة ولا النجاسة فهو لا ينجس الطاهر ولا يطهر النجس كما في المشكوك
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263