كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ١٥٨
الكلام في مسألة الشك بعد الفراغ من الوضوء بلا خلاف ولا اشكال في الأول ويدل عليه مضاف إلى الأخبار المستفيضة الاستصحاب متفق عليه في مثل المقام بين العلماء الأعلام بل بين قاطبة أهل الاسلام بل عده مثله المحدث الاسترآبادي المنكر لحجتيه الاستصحاب في بعض فوايده من ضروريات الاسلام وقد يستدل أيضا بقوله (ع) إذا استيقنت انك أحدثت وبمفهوم قوله بعد ذلك وإياك ان تحدث وضوءا حتى تستيقن انك قد أحدثت بناء على أن التحذير عن الوضوء بنية الوجوب قبل يتقن الحدث يدل على ثبوت الوجوب بعده لكن الانصاف ان ظاهرهما وجوب الوضوء حين يتقن الحدث لا إذا حصل له يتقن الحدث في زمان وطرء الشك بعد ذلك ولا فرق بين فيما ذكر بين كون بقاء الحدث مظنونا أو مشكوكا أو موهوما لاطلاق النص والفتوى واعتبار الاستصحاب لا بشرط إفادته الظن بالبقاء في خصوص مورده بل لو قلنا باعتباره من باب الظن فالمراد به إفادته له من حيث هو لو خلى وطبعه وان ارتفع الظن بسبب بعض الموهنات الا ان لشيخنا البهائي قده في حبله المتين في عكس المسألة وهو يتقن الطهارة والشك كلاما ظاهرا في أن اعتبار بالاستصحاب تابع للموارد الشخصية المختلفة في حصول الظن بالبقاء و عدمه فلا يعتبر الا مع حصول الظن في خصوص المورد وسيجئ ذكره في المسألة الآتية واما الثاني فالحكم بوجوب التطهر فيه هو المشهور قديما و حديثا إذ لا صلاة الا بطهور والشك في التلبس بالطهارة كما هو المفروض فيما نحن فيه شك في المشروط وهذا معنى ما في المقنعة والسرائر من حيث إنه يجب عليه الوضوء ليزول عنه الشك ويدخل في صلاته على يقين الطهارة وأوضح منهما قول الشيخ في التهذيب انه مأخوذ على الانسان ان لا يدخل في الصلاة الا بطهارة فينبغي ان يكون متيقنا بالطهارة ليسوغ له الدخول فيها ومحصل ذلك ما في المعتبر في الاستدلال على وجوب الطهارة فيما لم يعلم الحالة السابقة على الحالتين من قوله لعدم حصول اليقين بالطهارة بل ظاهر التذكرة ان هذا هو استدلال كل من قال بهذا القول وليس هنا من مجارى أصالة البراءة لاختصاصها بصورة الشك في شرطية الشئ لا في وجود الشرط وقد يتوهم انه إذا لم يجعل الطهارة شرطا بل جعلنا الحدث مانعا كفى عدم اليقين بالحدث وهو حاصل في محل الكلام ويندفع أولا بما تقدم من أن الطهارة عدم الحدث فإذا كان الحدث مانعا كان عدمه شرطا وثانيا ان المانع لا يكفي فيه عدم اليقين بوجوده بل يعتبر اليقين بعدمه ولو بحكم الأصل ومن هنا ظهر ان حكمهم هنا بوجوب الطهارة ليس لكون الحدث حالة أصلية في الانسان كما تقدم توهمه من بعض في أول باب الاحداث بل لوجوب احراز العلم بعدمه ولو بحكم الأصل واما دعوى ان المانع يكفي فيه عدم العلم به ولا يحتاج إلى احراز عدمه ولو بالأصل فهى ممنوعة جدا ويؤيد ما ذكرنا في الفقه الرضوي وان كنت على يقين من الوضوء والحدث ولا تدرى أيهما أسبق فتوضأ ويمكن دعوى انجباره في المقام الشهرة المحققة وظهور الاتفاق المفهوم من نسبة في الذكرى إلى الأصحاب وربما يستدل بقوله (ع) إذا أقمتم إلى الصلاة فاغسلوا أوجب الوضوء عند كل صلاة وكذلك قوله إذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور ولم يعلم خروج ما نحن فيه عن اطلاقهما وبقوله (ع) إذا استيقنت انك أحدثت فتوضأ والمفروض انه استيقن بأنه أحدث ومنه وجب الصلاة والطهور ولم يعلم خروج ما نحن بعد حصول أسبابه ومقتضى ذلك على ما سبق في محله من أن الأصل عدم التداخل هو كون كل واحد من تلك الأسباب ولو وقع عقيب مثله مقتضيا لتكليف مستقل بالطهارة غاية الأمر انه إذا علم تعاقبهما اكتفى الشارع بامتثال التكليفين بفعل واحد فإذا لم يعلم تواليهما لم يعلم سقوط التكليفين بفعل واحد فلا بد من فعل اخر ليعلم بالسقوط هذا لكن يرد على الأول ان عدم العلم بخروج ما نحن فيه عن عموم الآية غير مجد بل لابد من العلم بدخوله فيه ولو بحكم أصالة العموم الراجعة إلى أصالة الحقيقة وهي غير جارية فيما نحن فيه لان الآية مخصصة بالمتطهر للاجماع وبمثل قوله إياك ان تحدث وضوء حتى تستيقن انك قد أحدثت الدال على نفى وجوب الوضوء مع عدم يتقن الحدث قبله وقولهم (ع) يجوز ان يصلى بوضوء واحد صلاة الليل والنهار والشك فيما نحن فيه في كون الشخص من مصاديق عنوان المخصص أو من مصاديق عنوان العام نظير أكرم العلماء الا زيدا إذا شك في كون شخص زيدا أو غيره فان كونه زيدا أو غير زيد لا يؤثر في أصالة الحقيقة في العموم بعد العلم بأنه لم يخصص الا بزيد ولم يرد منه الا معنى مجازى واحد وهو ما عدا زيد فليس الشك في المراد حتى يجرى أصالة الحقيقة وانما المشكوك صدق المراد المعلوم تفصيلا على أمر خارجي واما قوله إذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور فهو إما مختص بالمحدث الممنوع من الصلاة إذا أريد بالطهور الرافع للحدث أو المبيح للصلاة فلا يجب الا في حق الممنوع وتحقق هذا الموضوع مشكوك فيما نحن فيه فكيف يثبت الحكم واما مخصص به لمثل ما ذكرنا في الآية ان أريد بالطهور نفس الوضوء مع قطع النظر عن كونه متلبسا بوصف رفع الحدث أو استباحة الصلاة واما قوله إذا استيقنت ففيه مضافا إلى ما ذكرنا من أن ظاهره وجوب الوضوء حين تيقن الحدث لا بمجرد حدوثه في زمان وان ارتفع بعده بالشك مع أنه معارض بقوله (ع) في رواية ابن بكير إذا توضأت فإياك ان تحدث وضوئه حتى تستيقن انك قد أحدثت بناء على ظاهره من إرادة الاحداث بعد ذلك الوضوء وهذا الشخص قد توضأ في زمان ولم يتيقن الاحداث بعده واما أدلة أسباب الوضوء فيرد عليه بعد الإغماض عن تقيد السبب فيها بقرينة الاجماع على عدم مشروعية أزيد من طهارة واحدة للمعتد المتوالى منها بما لو يقع عقيب مثله فيشترط في تأثير ما يقع منها عدم مسبوقية بمثله فالشك فيما نحن فيه كما تقدم في الآية شك في المصداق ولا يجرى أصالة
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263