الاطلاق انه مسوقة لبيان وجوب الوضوء بعدها بسببها إما لو شك في أن هذا المسبب وقع عقيب السبب الذي اقتضاه وسقط عنا مقتضاه أو لم يقع بعد ولابد من ايقاعه فيطلب لاثبات وجوب ايقاعه ليحصل اليقين بحصول اثر السبب دليل اخر غير دليل السببية وبالجملة فالحكم بسببية شئ لوجوب شئ لا يثبت به وجوب تحصيل اليقين لوجود المسبب بل لابد من اثباته بقاعدة الاستصحاب أو قاعدة وجوب اليقين باحراز الشرط إن كان المسبب المشكوك الحصول شرطا كما فيما نحن فيه إما القاعدة الثانية فهى التي تمسكنا بها في المقام تبعا لجماعة من الاعلام واما استصحاب عدم تحقق المسبب فلا يخفى على أدنى محصل ما سطر في أكثر كتب الأصحاب وارتكز في أذهان أولي الألباب من معارضة باستصحاب عدم الرافع وكما يقضى الاستصحاب بعدم تحقق المسبب وهو الوضوء بعد السبب وهو الحدث كك؟ يقضى الاستصحاب بعدم حصول الناقض وهو الحدث بعد الطهارة المتيقنة بالفرض وهذا معنى المعتبر ان يتقن الطهارة معارض تيقن الحدث ومعناه تعارضهما من حيث مقتضاهما وهو العمل على المتيقن عند الشك في ارتفاعه والا فهما في أنفسهما غير منافيين لأن المفروض اجتماعهما في المكلف ثم إن في المسألة أقوالا اخر أحدها ما مال إليه في المعتبر واختاره جامع المقاصد ونسبه شارح الجعفرية إلى المشهور بين المتأخرين من التفصيل بين صورة الجهل بالحالة السابقة على الحالتين فكالمشهور وبين صورة العلم فيؤخذ بضدها لان تلك الحالة ارتفعت يقينا فوجود الرافع لها يقيني وارتفاع ذلك الرافع مشكوك فيه مثلا إذا كان قبلها متطهرا فانتقاض تلك الطهارة بالحدث يقيني ولم يعلم ارتفاع ذلك الحدث لاحتمال تقدم الطهارة المعلومة فيرجع الامر إلى تيقن الحدث والشك في الطهارة ويظهر منه الحال في العكس وانه يرجع إلى تيقن الحدث والشك في الطهارة ولذا قال في الذكرى بعد حكاية هذا التفصيل انه ان تم ليس خلافا في المسألة لرجوعه إما إلى يقين الحدث مع الشك في الطهارة أو إلى العكس والبحث في غيره انتهى وجزم كاشف اللثام على ما حكى عنه بان اطلاق الأصحاب الحكم بوجوب التطهر مقيد بعدم علمه حاله قبل زمانهما بل حكى عن المسالك تقييد عبارة الشرايع به فتأمل أقول إن أريد رجوع ما نحن فيه إلى عين مسئلتي الشك في الطهارة مع يتقن الحدث والعكس فلا يخفى ما فيه لان كلامهم في المسئلتين مفروض في تيقن أحدهما والشك في وجود الأخر لا في تأثير الأخر المعلوم وجوده وان أريد رجوعه إليهما في الحكم والدليل حيث إن استصحاب بقاء الرافع للحالة السابقة على الحالتين أعني الحدث في الأولى والطهارة في عكسها سليم عن معارضة باستصحاب بقاء حكم الأخر المعلوم وجوده أعني الطهارة في الأولى والحدث في عكسها لان العلم بوجوده لا يكفي في استصحابه بل لابد فيه من العلم بتأثيره وهو مفقود في الفرض لاحتمال وقوعه قبل ذلك الرافع وعقيب مجانسه فلا يؤثر شيئا وبهذا التقرير يظهرون ما ذكره في المدارك تبعا للمنتهى من أن وقوع طهارة في المسألة الأولى وحدث في المسألة الثانية يقنى أيضا فلابد من العلم بناقص الطهارة ورافع الحدث إذ مجرد الوضوء والحدث ما لم يعلم تأثيرهما لا يعقل فيهما استصحاب لكن وفيه ما ذكره جماعة تبعا لشارح الدروس من أن المستصحب في الاستصحاب المعارض ليس اثر ذلك الأخر الناشئ عنه حتى يقال إنه غير متيقن في السابق بل المستصحب هو الأثر الموجود حال حدوثه وان لم يعلم بكونه ناشيا عنه فإذا كان الحالة السابقة على الحالتين هو الحدث فالطهارة رافعة له يقينا وإن كان مستصحبا الا ان الحالة المانعة المعبر عنها بالحدث متيقن الوجود عند الحدث المعلوم حدوثه وان لم يعلم تأثيره فالأصل بقائه وان لم يكن ناشيا عنه وقد يدفع بان الحالة المانعة المعلومة عند الحدث المتيقن مرددة بين حالة معلومة الارتفاع واخرى مشكوكة الحدوث فالشك في بقائها مسبب عن الشك في حدوث الحالة الأخرى والأصل عدم حدوثها اللهم الا ان يمنع كون الشك في بقاء تلك الحالة المانعة مسببا عن الشك في حدوث الحالة الأخرى بل الشكان مسببان عن الشك في تاريخ الحدث المعلوم وقوعه فاستصحاب عدم حدوث حالة مانعة أخرى كاستصحاب بقاء الطهارة معارض باستصحاب الحالة المانعة المعلومة فغاية الامر ان هنا استصحابان وجوديا وهو استصحاب الطهارة الرافعة وعدميا وهو استصحاب عدم حدث اخر بعد هذه الطهارة ويمكن في المقابل مثله وهو استصحاب الحالة المانعة المعلومة عند الحدث الأخر واستصحاب عدم طهارة بعده نعم لو منع جريان الاستصحاب في الحالة المانعة المردد استنادها إلى الحدث المرتفع أو حدث اخر غيره ثم ذلك القول ثم إن نظير ما نحن فيه ما لو غسل ثوبا نجسا بمائين يعلم نجاسته أحدهما فإنه يعارض هنا استصحاب الطهارة الرافعة للنجاسة السابقة استصحاب النجاسة المعينة حال ملاقاة النجس من المائين وكذا لو أصاب ثوبا طاهرا كرا ان أحدهما نجس الا ان المرجع في هاتين المسئلتين إلى قاعدة الطهارة بخلاف ما نحن فيه فإنه لا يثبت شئ من الطهارة والحدث بالأصل ويبقى ما تقدم من قاعدة الشغل المتقدمة سابقا سليمة الثاني ما عن العلامة في بعض كتبه من الاخذ بالحالة السابقة على الحالتين استناد إلى تكافوهما الموجب لتساقطهما فيرجع إلى ما قبلهما وفيه ما لا يخفى ان أراد ظاهره وان أراد بالطهارة خصوص الرافعة وبالحدث خصوص الناقض وبالاستصحاب التزام نوع الحالة السابقة فيرجع إلى التفصيل الثالث للأقوال والمحكى عنه في المختلف حيث قال إذا تيقن عند الزوال انه نقض طهارة وتوضأ عن حدث وشك في السابق فإنه يستصحب حاله السابق على الزوال فإن كان في تلك الحال متطهرا بنى على طهارته لأنه تيقن تلك الطهارة ونقض الطهارة الثانية مشكوك فيه فلا يزول اليقين بالشك وان
(١٥٩)