ومسحه واستدلاله على كفاية غسل الباقي بان اعتدال بعض الأعضاء لا ينقص عن فقدانه فتحصل من جميع ما ذكرنا ان ما ذكره من الوجهين غير مستقيم في الجميع بعد ما عرفت من صراحة كلماتهم في شمول مورد التيمم للجروح والقروح الغير المستوعبة وشمول مورد غسل الباقي للمستوعب والانصاف انه لا يحضرني في الجمع بين هذه الكلمات وجه يطمئن به النفس وكذلك بين تلك الأخبار المتقدمة وان ذكر جماعة من أصحابنا وجوها لذلك بحمل اخبار التيمم على غير ذي الجبيرة وحمل تلك الأخبار على ذي الجبيرة أو حمل اخبار التيمم على المستوعب وتلك الأخبار على غيره أو حمل اخبار التيمم على ما لا يمكن مسحه أو مسح خرقة يشد عليه وحمل تلك الأخبار على ما يمكن أو حمل اخبار على الغسل وتلك الأخبار على الوضوء أو غسل ذي الجبيرة والخرقة كما هو مورد صحيحه عبد الرحمن بن الحجاج أو حمل اخبار التيمم على صورة الضرر بغسل الصحيح وتلك الأخبار على غيرها أو حمل اخبار الطرفين على التخيير الا ان الكل بعيد وإن كان ما قبل الأخير منها لا يخلو عن قرب بل ظهور بالنسبة إلى أكثر الاخبار وكيف كان فلا بد من ملاحظة ما يقتضيه الأصل فيما هو غير داخل تحت المنصوص من الأمراض المانعة عن غسل العضو وانه التيمم أو الوضوء الناقص مع مسح الموضع أو جبيرة موضوعة عليه أو بدونه فنقول ذكر شارح الدروس قده ما حاصله ان الوضوء المأمور به لما تعذر بعض أفعاله سقط الامر به لأنه تكليف واحد بمجموع الافعال لا تكاليف متعددة والتكليف بالتيمم في الآية لا يشمل بظاهره هذه الصورة فيجب الرجوع إلى الأصل وهو في مثل المقام مما علم وجوب شئ مردد هو التخيير الا ان الأحوط هو الجمع وهو مبنى على أن روايات الميسور وما لا يدرك كله وإذا أمرتكم بشئ لا تنهض لضعف اسنادها بل لقصور دلالتها لتأسيس قاعدة في التكاليف ويمكن دعوى انجبار ضعفها بتمسك العلماء بها قديما وحديثا مع ما حررناه في مقام اخر من عدم قصور دلالتها فالانصاف ان الحكم بسقوط التكليف بالكل لتعذر بعض اجزائه بأصالة البراءة في مقابل هذه الأخبار في غاية الجرئة مضافا إلى ما قيل أو يقال من أن المقام مقام الاستصحاب الحال لثبوت التكليف قبل التعذر وهذا الاستصحاب وإن كان غير جار بمقتضى الدقة في تعيين موضوع المستصحب الا ان الظاهر من الأصحاب في بعض المقامات كفاية احراز الموضوع ولو بالمسامحة العرفية كما يستصحب كريه الماء الذي اخذ منه بعد العلم بكريته فيقال هذا الماء كان كرا ويشك في ارتفاع كريته مع أن هذا الماء الموجود لم يعلم بكريته فيراد من الماء في القضيتين هو القدر المشترك بين ما قبل الاخذ وما بعده وكذلك يقال فيما نحن فيه ان الوضوء كان واجبا قبل هذا العذر والأصل بقائه بعده فيراد بالوضوء في القضيتين القدر المشترك بين ما قبل التعذر وما بعده أو يراد من الوجوب في القضيتين مطلق الثبوت المشترك بين النفسي والغيري فلا ينافي كون المتيقن سابقا هو الغيري والمشكوك فيه لاحقا هو النفسي ولذا اطلق عليه عدم السقوط في قوله الميسور لا يسقط مع أن الوجوب الغيري السابق ساقط قطعا والنفسي اللاحق لم يكن له ثبوت حتى يتصور فيه سقوط واما ما ذكره من عدم شمول أية التيمم لما نحن فيه فهو حق بملاحظة قوله تعالى ولم تجد واما فتيمموا الا ان قوله تعالى في اخر الآية ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم ظاهر في أن مناط شرعية التيمم هو ثبوت الجرح والضيق في اتيان أفعال الوضوء المتقدمة سابقا سواء كان لفقد الماء أو التضرر في تحصيله أو باستعماله في جميع الأعضاء أو بعضها على الوجه المعتبر من الغسل والمسح أو مطلقا فمحصل الآية الشريفة بملاحظة صدرها وذيلها انه كل ما كان في الاتيان بالافعال المعهودة للوضوء حرج على المكلف وجب عليه التيمم كما أن محصل أدلة الميسور وما لا يدرك انه إذا تعذر الاتيان بجميع أفعال الوضوء وجب الاتيان ببعضها المتمكن وحيث علم بالاجماع عدم اجتماع الطهارتين على مكلف واحد خلافا لما تقدم عن الشافعي تعارضت الأدلة من الطرفين بالعموم من وجه فيرجع من مادة الاجتماع إلى الاحتياط بالجمع بين الامرين لاستصحاب بقاء المنع عن الدخول في الصلاة وعدم الإباحة هذا ولكن مقتضى النظر الدقيق حكومة روايات الميسور لا يسقط بالمعسور وقوله ما استطعتم على أدلة التيمم لان مفاده ان ثبوت البعض الميسور على المكلف في زمان تيسر الكل ليس مقيدا ومنوطا بعدم تعسر شئ من الأجزاء حتى يسقط بتعسره بل هو على كل حال وكذا قوله (ع) فاتوا منه ما استطعتم الظاهر في اكتفاء الشارع بالمستطاع في امتثال الأوامر فيكشف عن أن الامر بكل مركب أمر بالمقدار المتمكن منه كلا كان أو بعضا وحينئذ فالامر في قوله تعالى إذا أقمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق غير مقيد بالتمكن من مسح الرأس والرجل وكذا العكس فالامر بكل من الأجزاء مشروط بالتمكن من نفسه غير مشروط بالتمكن من جزء اخر فالتمكن من الغسل العاجز عن المسح مثلا داخل تحت الامر المنجز بغسل الوجه والأيدي لأنه متمكن منه وان لم يجب عليه المسح لعدم التمكن فتكون الآية الشريفة بملاحظة رواية الميسور لا يسقط بالمعسور متكفلا لحكم الوضوءات الناقصة وكفايتها عند إرادة القيام إلى الصلاة فقوله ولم تجدوا ماء إلى اخر الآية ولو بملاحظة ذيلها يصير مختصا بمن كان الحرج في وضوئه ول ناقصا بان لم يتمكن من الافعال رأسا فيرجع إلى ما يكون الآية ظاهرة فيه قبل ملاحظة ذيلها وهو الفاقد الماء رأسا من حيث إنه ناظر إلى المعلق وحاكم على ظهوره في ارتباطه بالامر المتعلق بالاجزاء ولأجل ما ذكرنا ترى جماعة من الأصحاب كالشيخ في الخلاف والفاضلين في المعتبر والمنتهى وغيرهم يقتصرون في مثل مسألة
(١٤٧)