وكيف كان فهو الحري بهذا اللقب، لإجماع أهل الفضل وذوي التحقيق من الفريقين على تقدمه على من عاصره، وتبرزه في العلوم العقلية والنقلية والحديث والرجال والأدب، وله قوة العارضة في الجدل والظهور على الخصم. قال ابن النديم: شاهدته وجالسته فرأيته شديد الفطنة ماضي الخاطر بارعا في العلوم.
ويزيد ابن حجر العسقلاني بقوله: أن له على كل إمام منة.
وصادق على هذه الظاهرة في شيخنا المفيد كل من الذهبي واليافعي وابن كثير وابن العماد وأبو حيان التوحيدي (1).
ومهما تكثرت الأقوال من علماء الإمامية وغيرهم في حق الشيخ المعظم فإني أرى البيان لينحسر عن تحديد نفسيته وما آتاه المهيمن جل شأنه من ملكات فاضلة بعد أن خاطبه (أمام العصر) عجل الله فرجه في كتابه الأول: بالأخ السديد، والمولى الرشيد أيها المولى المخلص وفي ودنا الناصر لنا، إلخ.
ويقول في الثاني: من عبد الله المرابط في سبيله إلى ملهم الحق ودليله، سلام عليك أيها العبد الصالح الناصر للحق الداعي إليه بكلمة الصديق، إلخ (2) فإنك بعد أن أحطت خبرا بأن صاحب الناحية المقدسة لم يخاطب أحدا إلا باسمه الساذج من دون إطراء كما إنه عليه السلام لا يلفظ إلا نفس الحقيقة سواء في ذلك مدح رجل أو بيان حكم أو فصل قضاء