وأخشنها ترابا وأسرعها خرابا وأقربها من الماء وأبعدها من السماء بها مغيض الماء وبها تسعة أعشار الشر وهي مسكن الجن الخارج منها برحمة والداخل إليها بذنب أما إنها لا تذهب الدنيا حتى يجيئ إليها كل فاجر ويخرج منها كل مؤمن وحتى يكون مسجدها كأنه جؤجؤ سفينة.
فهذه جملة من أخبار البصرة وسبب فتنتها ومقالات أصحاب الآراء في حكم الفتنة بها قد أوردناها على سبيل الاختصار وأثبتنا ما أثبتنا من الأخبار عن رجال العامة دون الخاصة ولم نثبت في ذلك ما روته الشيعة في إنكاره وكان الغرض فيما أوردناه في هذا الكتاب من تفصيل ذكر فتنة البصرة وما جرى فيها من القتال والفعال والإبانة عن عناد القوم لأمير المؤمنين (ع) والقصد لحربه وسفك دمه من غير شبهة في أمره ولا عذر فيما صاروا إليه من خلافه ولنوضح فيما تضمنته الأخبار في بطلان مقال من ادعى للقوم التوبة من فرطهم الضلال لحرب أمير المؤمنين (ع) وفساد مذهب من ذهب إلى ذلك من المعتزلة والمرجئة والحشوية.
ويدل على ما أثبتناه منه أن القوم مضوا مصرين على أعمالهم غير نادمين عليها ولا تائبين منها وإنهم كانوا يتظاهرون إلى الله بالقربة والتدين بعداوتهم لأمير المؤمنين (ع) والبغض والتضليل والتبديع له ولأولاده ولشيعته وأنصاره والبراءة إلى الله من جميعهم وإن أمير المؤمنين (ع) يرى عليهم بمثل ذلك ويرى القربة إلى الله بجهادهم وقتالهم حتى مضى لسبيله وأنا مثبت بعد الذي قدمت أخبارا قد سلم لصحتها أهل العقل والنقل على خلافهم في الآراء والمذاهب تؤكد ما ذكرت في هذا الكتاب ويشهد بصحة ما ذكرت وإن كنت قد جمعتها في موضوع آخر من كتبي وإنما أوردتها في هذا الكتاب لملائمتها لمعناه وتأييده لما تضمنته من فوائده وفحواه وبالله أستعين.