فظن به تمام الشبهة التي قصداها بعمد الأمر على الجهل فلما وضح لهما تهافت ما اعتمداه من ذلك بظهور اختيارهما لبيعته وإيثارهما لتقدمه عليهما والرضا بإمامته واشتهر ذلك عند الكافة من الخاصة والعامة وعلما أنه لا حجة لهما في دفع الظاهر بدعوى الباطن وأنه لو تم لهما التلبيس بدعوى الكراهة الباطنية لم تتم لهما حجة لأنه لا يسع أحد كراهة بيعة المحق ولا يسوغ لأحد خلاف المهاجرين والأنصار في الرضا بما يجتمعون عليه من الرضا بإمامة المرتضى عليه السلام في ظاهر الحال فكيف بمن يرضى برضاء الله له في الباطن والظاهر على كل حال ولأنهما لم يجدا شبهة يتعلقان بها في كراهة إمامة أمير المؤمنين (ع) مع جمعه للفضل وتقدم الإيمان والذب عن الإسلام والجهاد في الدين والبلاء الحسن مع الرسول والعلم الظاهر الذي لا يختلف فيه اثنان من العلماء مع الزهد في الدنيا والورع عن محارم الله وحسن التدبير وصواب الرأي والرحم الماسة منه برسول الله صلى الله عليه وآله وما كان سنه فيه من الأمور الدالة على استحقاقه التقدم على كافة الأنام من الأمة فلم يول عليه واليا قط ولا أنفذه في سرية إلا وهو أميرها وسيدها ورئيسها وقائدها وعظيمها وإنه لم يفسد أحد على عهد النبي أمرا إلا ندبه إليه فقوي تلافي فارطه به (ع) وكان الأمر إذا أعضل في شئ ناطه به وأنجزه وكفى به وأغناه ورفع إليه من بعده صلى الله عليه وآله من تقدمه في مقامه عند معضل الأمور فاستعلموا منه ما كان خافيا عليهم من أحكام الملة وصواب التدبير في مصالح الأمة فعلم طلحة والزبير أن التعلق في خلافه بكراهة البيعة شبهة داحضة لا يثبت لهما به حجة عند أحد من الفضلاء والعقلاء وإنه لو ثبت ما ادعياه من إكراههما على البيعة لكان أسوء لحالهما عند الأمة ولكان له (ع) في حكم الشريعة ذلك إذ للإمام القهر على طاعته والإكراه على الإجابة إلى ما يلزم للأمة كف الفتنة وشمول المصلحة
(٧٨)