القوم له بدم عثمان فليس أيضا ما ثبتت به الحجة على ما ادعوه من قبل إنه لا يمتنع أن يكون مقامه بالمدينة في تلك الحال لتدبير الدفاع عنه ولو كان خرج عنها لتعجل من قتل القوم له ما تأخر ولم يكن أيضا يؤمن أن يتعدى القتل منه إلا غيره وتحدث فتنة لا يتلافى صلاحها فجلس (ع) لذلك ولم يجلس لمعونة على قتل عثمان، بل لو خرج من المدينة في حال حصر القوم الرجل لكانت التهمة إليه في قتله أسرع مع ما ذكرناه من المحذور، وأما نقلهم جواب ابن عباس لأسامة وقوله أبعد ثلاثة من قريش تطلب أثرا بعد عين، فليس فيه أيضا دليل على إيثار ابن عباس لأمير المؤمنين (ع) قتل الرجل ولا فيه حجة على أنهما شركا يفي ذلك من تولاه وإنما يدل على إيثار ابن عباس أن يكون الأمر فيهم بعد عثمان، ولسنا ننكر أن يكون عليا كان مؤثرا للتمكن من الأمر بعد عثمان ليقيم بذلك حدود الله وينفذ به أحكامه، وينظر في مصالح المسلمين، ومن آثر ذلك من أهله فهو محمود وهذا يستمر على مذهب الشيعة الإمامية والزيدية والجارودية والقائلين بالنص عليه وعلى مذهب أصحاب الاختيار معا.
فأما أصحاب النص فيقولون إنه الإمام المفترض الطاعة على الأنام وكان يجب أن يجتهد بالتوصل بما للأئمة إقامته وتولي ما لهم توليته وأن لا يفرط في ذلك ولا يهمله وإذا كان مقامه لما ذكرناه كان به محمودا ولم يجز صرف الغرض فيه إلى ما ادعاه الخصوم من خلافه مع أنه لم ينكر إنما كان مقامه بالمدينة لدفاع ما كان يحذر من إمامة من لا يستحق الأمر بعد قتل عثمان فأقام لدفاعهم عن ذلك لوجوده بينهم وعلمه برأي الناس في تقديمه على غيره ولو كان نائبا عن المدينة لغلب على الأمر من يعسر على الأمة صرفه عنه ممن لا يؤمن على الدين وهو مستمر على أصول أصحاب أهل الاختيار كما استمر على أصول