في ورود المدينة ونحن على ذلك، فقال لهم أمير المؤمنين يا هؤلاء تريثوا لا تسرعوا إلى شئ لا تعرف عاقبته فإنا كنا قد عتبنا على هذا في شئ وإنه قد رجع عنه فارجعوا; فقالوا هيهات يا أبا الحسن لا نقنع منه إلا بالاعتزال عن هذا الأمر ليقدم به من يوثق بإمامته، فرجع أمير المؤمنين إلى عثمان وأخبره بمقالتهم فخرج عثمان حتى أتى المنبر فخطب الناس وجعل يتكلم ويدعو إلى نصرته ودفاع القوم عنه فقام إليه عمرو بن العاص فقال يا عثمان إنك قد ركبت بالتهمة وقد ركبوها منك فتب إلى الله، فقال له عثمان وإنك لهاهنا يا بن النابغة (1) ثم رفع يده إلى السماء وقال أتوب إلى الله اللهم إني أتوب إليك; فأنفذ أمير المؤمنين (ع) إلى القوم بما جرى من عثمان وما صار إليه من التوبة والاقلاع فساروا إلى المدينة بأجمعهم وسار إليهم عمرو بن معدي كرب في ناس كثيرين فجعل يحرض على عثمان ويذكر إثرته فقال:
أما هلكنا ولا يبكي لنا أحد * قالت قريش ألا تلك المقادير والحر في الصيف قد تدمي جوارحه * نعطي السوية مما أخلص الكير نعطي السوية يوم الضرب قد علموا * ولا سوية إذ كانت دنانير وانظم إليهم من المهاجرين طلحة والزبير وجمهور الأنصار على ذلك فخرج إليهم أمير المؤمنين (ع) فقال لهم يا هؤلاء اتقوا الله ما لكم وللرجل أما رجع عما أنكرتموه أما تاب على المنبر توبة جهر بها، ولم يزل عليه السلام يلطف بهم حتى سكنت فورتهم.
ثم سأله أهل مصر أن يلقاه في عزل عبد الله بن سعيد بن أبي سرح عنهم واقترح أهل الكوفة عزل سعيد بن العاص عنهم وسأل أهل النهروان أن يصرف ابن كريز عنهم ويعدل عما كان عليه من منكر