المقدم في الدين مع العصيان له في بعض أوامره ونواهيه ولولا أن ذلك كذلك لما عصى الله من يعرفه ولا خالف نبيه صلى الله عليه وآله ممن يؤمن به وليس هذا من مذاهب خصومك في الإمامة فتوضح عنه بما يكسر شبهة مدعيه على أن الأخبار قد وردت بإذعان القوم بالبيعة مع إقامتهم على ترك المساعدة والنصرة وما تضمنت ذكر أعذار لهم زعموها في ذلك وجاءت بما كان من أمير المؤمنين فيما أظهروه وإنكاره له بحسب ما اقتضته الحال في مثله من الخطأ فيما ارتكبوه.
فروى أبو مخنف لوط بمن يحيى الأزدي في كتابه الذي صنفه في حرب البصرة عن أصحابه، وروى غيره من أمثاله الرواة للسيرة عن سلفهم أصحاب أمير المؤمنين (ع) لما هم بالمسير إلى البصرة بلغه عن سعد ابن أبي وقاص وابن مسلمة وأسامة بن زيد وابن عمر تثاقلهم عنه فبعث إليهم فلما حضروا قال لهم قد بلغني عنكم هنات كرهتها وأنا لا أكرهكم على المسير معي على بيعتي: قالوا بلى، قال فما الذي يقعدكم عن صحبتي؟ فقال له سعد إني أكره الخروج في هذا الحرب فأصيب مؤمنا فإن أعطيتني سيفا يعرف المؤمن من الكافر قاتلت معك.
وقال له أسامة أنت أعز الخلق علي ولكني عاهدت الله أن لا أقاتل أهل لا إله إلا الله، وكان أسامة قد أهوى برمحه في عهد رسول الله إلى رجل في الحرب من المشركين فخافه الرجل فقال لا إله إلا الله فشجره