ووقف أمام صفوف أصحابه فوقفت بين يديه باللواء وهو للحرب مستعد فجاء قيس بن عبادة وأنشأ يقول:
هذا اللواء الذي كنا نحف به * مع النبي وجبريل لنا مددا ما ضر من كانت الأنصار عيبته * أن لا يكون له من غيرها أحدا قوم إذا حاربوا طالت أكفهم * بالمشرفية حتى يفتحوا البلدا وصف أصحاب عائشة صفوفهم وجاؤا بالجمل وعليه الهودج وفيه عائشة وخطامه في يد كعب بن شور وقد تقلد بالمصحف والأزد وبنو ضبة قد أحاطوا بالجمل وعبد الله بن الزبير بين يدي عائشة ومروان بن الحكم عن يمينها والزبير يدير العسكر وطلحة على الفرسان ومحمد بن طلحة على الرجالة فقال محمد بن الحنفية قال لي أبي حين رأى القوم قد زحفوا نحونا قدم اللواء فقدمته وزحف المهاجرون والأنصار فلما رأى القوم قد زحفت باللواء بارزا عن أصحابي رشقوني رشقة رجل واحد فوقفت مكاني وأيقنت منهم وقلت ينقضي رشقهم في مرة أو مرتين ثم أتقدم فلم أشعر إلا وأمير المؤمنين (ع) قد ضرب بين كتفي بيده ثم أخذ اللواء مني بيده ونادى (يا منصور أمت) فوالله ما سمعت القوم حتى رأيتهم قد زلزلت أقدامهم وارتعدت فرائصهم والتقى بعضهم ببعض وتزايلوا لترى عائشة موضع كل فريق منهم وتقدم عمار ومالك الأشتر مصلتين سيفهما نحو القوم ونادى أمير المؤمنين يا محمد بن أبي بكر إن صرعت عائشة فوارها وتول أمرها فتضعضع القوم حين سمعوا ذلك واضطربوا وأمير المؤمنين واقف في موضعه ثم تراجعوا بعد تضعضعهم ورجعت إليهم نفوسهم ونادوا البراز فتقدم رجل من بني عدي أمام الجمل وبيده السيف وهو يقول:
أضربكم ولا أرى عليا * عممته أبيض مشرفيا * أريح منه قومنا عديا فشد عليه رجل من أصحاب أمير المؤمنين (ع) يقال له أمية