قال وكذلك قولي في الفريق الآخر، أقول إن عايشة وطلحة والزبير إن كانوا قصدوا بقتالهم علي بن أبي طالب (ع) وأصحابه منعه من الاستبداد بالأمر من دون رضى العلماء به، وأرادوا الطلب بدم عثمان والاقتصاص له من ظالميه برد الأمر شورى ليختار المسلمون من يرون فهم بذلك هداة أبرار مستحقون للثواب وإن كانوا أرادوا بذلك الدنيا والعصبية والإفساد في الأمر وتولى الأمر بغير رضى العلماء فهم بذلك ضلال مستحقون اللعنة والخلود في النار غير أنه لا دليل لي على أعراضهم فيه ولا حجة تظهر في معناه من أعمالهم ولذلك وقف فيهم كما وقفت في علي وأصحابه كما بينت. وإن كان طلحة والزبير أحسن حالا من علي فيما أتاه.
. وقال هشام القوطي وصاحبه عباد بن سليمان الصيمري، وهذان الرجلان من أئمة المعتزلة أيضا أن عليا وطلحة والزبير وعائشة في جماعة من أتباع الفريقين كانوا على حق وهدى وصواب وكان الباقون من أصحابهم على ضلال وبوار وذلك أن عائشة وطلحة والزبير إنما خرجوا إلى البصرة لينظروا في دم عثمان ويأخذوا بثاره من ظالميه وأرادوا بذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطلبوا بوجه الله وخرج علي بن أبي طالب ليتفق معهم على الرأي والتدبير في مصالح الإسلام وأهله وكف السعي في الفتنة ومنع العامة مما ليس إليهم بل هو إلى وجوه العلماء وليقع التراضي بينهم على إنصاف واجتهاد في طلب الحق والاجتماع على الرأي فلما ترائى الجمعان تسرع غوغاؤهم إلى القتال فانتشبت الحرب بينهم على غير اختيار من القادة والرؤساء وخرج الأمر عن أيديهم في تلافي ذلك فكان من الاتباع الفتنة وسفك الدماء ما لم يؤثره علي وطلحة والزبير وعائشة ووجوه أصحابهم من الفضلاء فهلك بذلك الأتباع ونجا الرؤساء وهذا يشبه ما قدمنا حكايته عن بعض العامة من وجه يخالفه