فقاتلت أمامي حتى وقعت جريحا ثم حضرت الجمل وأني لأنظر إلى خروج عائشة وهودجها وعليه درع الحديد وقد انهزم الناس وما أخذ بخطام الجمل أحد إلا مات فقال له أبي وهو يبكي وعمار وسطها فقال مروان أي والله فبكى أبي قال ثم خرجت يومئذ فحملت جريحا فلم أر يوما كان أسرع انكشافا من يوم الجمل فقال له أبي ما أحب إن حضرت الدار آمرا ولا ناهيا ولا أحب إن حضرت الجمل آمرا ولا ناهيا ثم خرج مروان وجعل أبي يبكي ويقول ليت شعري ما لقي عمار وأصحابه وأمثاله من أصحابنا الله حملهم وغرسهم في جنته.
وروى ابن أبي سبرة علقمة عن أمه قال سمعت عائشة تقول: لقد رأيتني يوم الجمل وإن على هودجي الدروع الحديدية والنبل يخلص إلي منها وأنا في الهودج فهون ذلك علي ما صنعنا بعثمان ألبنا عليه حتى قتلناه وجرينا عليه الغواة فنعوذ بالله من الفرقة بين المسلمين.
وروى منصور بن أبي الأسود عن مسلم الأعور عن حبة العرني قال والله إني لأنظرن إلى الرجل الذي ضرب الجمل ضربة على عجزه فسقط لجنبه فكأني أسمع عجيج الجمل ما سمعت قط عجيجا أشد منه. قال لما عقر الجمل وانقطع بطان الهودج فزال عن ظهر الجمل وانفض أهل البصرة منهزمين وجعل عمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر يقطعان الحقب والأنساع واحتملاه - أي الهودج - ووضعاه على الأرض فأقبل علي بن أبي طالب حتى وقف عليها وهي في هودجها فقرع الهودج بالرمح وقال يا حميراء أرسول الله أمرك بهذا المسير ونادى عمار بن ياسر يومئذ لا تجهزوا على جريح ولا تتبعوا مدبرا موليا ورأيت يومئذ سعيد وأبان ابنا عثمان فجيئ بهما إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فلما وقفا بين يديه قال بعض من حضر اقتلهما يا أمير المؤمنين فقال بئس ما قلتم آمنت الناس كلهم وأقتل هذين ثم أقبل عليهما وقال لهما ارجعا عن غيكما وانزعا