وقيل: إنها لسليمان الأعمى أخي مسلم بن الوليد:
يا ملاذي وعصمتي وعمادي * ومجيري من الخطوب الشداد بك قام الرجاء في كل قلب * زاد فيه البلاء كل مزاد إنما أنت نعمة أعقبتها * أنعم نفعها لكل العباد وعد مولاك أتممته (1) فأبهى الدر * ما زين حسنه بانعقاد ما أظلت سحائب اليأس إلا * خلت (2) في كشفها عليك اعتمادي إن تراخت يداك عني فواقا * أكلتني الأيام أكل الجراد وبعث بها إليه، فبعثها الأمين إلى أمه زبيدة، فأعطتها الرشيد وهو في موضع لذاته، وفي إقبال من أريحيته، وتهيأت للاستشفاع لهم، وهيأت جواريها ومغنياتها، وأمرتهن بالقيام إليه معها. فلما فرغ الرشيد من قراءتها لم ينقض حبوته حتى وقع في أسفلها: عظيم ذنبك أمات خواطر العفو عنك. ورمى بها إلى زبيدة، فلما رأت توقيعه علمت أنه لا يرجع عنه.
قال: واعتل يحيى، فلما شفي دعا برقعة فكتب في عنوانها: ينفذ أمير المؤمنين أبقاه الله عهد مولاه يحيى بن خالد، وفيه: بسم الله الرحمن الرحيم، قد تقدم الخصم لموضع الفصل (3)، وأنت على الأثر، والله الحكم العدل. فلما ثقل قال للسجان: هذا عهدي، توصله إلى أمير المؤمنين، فإنه ولي نعمتي، وأحق من نفذ وصيتي فلما مات أوصل السجان عهد يحيى إلى الرشيد. فلما قرأه استمد، فكتب، ولا أدري لمن الرقعة. فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا أكفيك؟ قال: كلا، إني أخاف عادة الراحة أن يقوى سلطان العجزة فيحكم الغفلة، ويقضي بالبلادة. قال سهل: فوقع فيه: الحكم الذي رضيت به في الآخرة لك، هو أعدى الخصوم عليك في الدنيا، وهو من لا ينقض حكمه، ولا يرد قضاؤه (4)، ثم رمى الكتاب إلي، فلما رأيته علمت أنه ليحيى، وأن الرشيد أراد أن يؤثر الجواب عنه.