الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ٨٥
قال: فحدثني بعض أهل المدينة، أن موسى قال يوما لبعض من يثق به ليموتن إلى يومين.
رجل قد بلغ ذكره المشرق والمغرب، فلم نظن إلا أنه يعني الخليفة، فلما كان اليوم الثاني، لم أشعر وأنا في مسجد الرسول، حتى سمعت الناس يقولون: مات موسى بن نصير، فإذا هو (1)، وصلي سليمان عليه، ودفن رحمه الله.
وذكروا أن عبد الله بن صخر أخبرهم قال: بينما موسى يسير يوما على دابة له، وكان طويلا جسيما، فمر به رجلان من قريش: وقد تدلت رجلاه وانحنتا، وهما لا يعرفانه. فقالا أدبر والله الشيخ، فسمعهما موسى، فقال لهما: من أنتما؟ فانتسبا له. فقال: أما والله إن أميكما لمما أفاء الله على يدي هذا الشيخ: فأهداهما إلى أبويكما، فقالا له: ومن أنت يرحمك الله؟ قال:
موسى بن نصير، فقالا، فمرحبا وأهلا، صدقت وبررت، والله ما عرفناك: فقال: لا عليكما، قد والله أدبر عني وبقي مني.
وذكروا أن إبراهيم بن سليمان أخبرهم عمن حدثه عن موسى، أن الناس قحطوا بأفريقية عاما، فحرج موسى بالناس فاستسقى، فأمر رجلا فقص على الناس ورققهم، فجعل يذكر، ثم إنه انتحى في الدعاء للوليد بن عبد الملك فأكثر. فأرسل إليه موسى: إنا لم نأت هاهنا للدعاء للوليد، فأقبل على ماله جئنا فعدنا، فلم يلتفت، ورجا أن يبلغ الوليد، فأمر به فسحب، حتى خرج من الناس، ثم قام موسى ودعا بالناس، فما برحنا حتى انصبت السماء بمثل القرب، فأتى موسى بدابة من دوابه. فقال: والله لا ركبت، ولكن أخوض الطين، وانصرف ماشيا،، ومشى الناس، فسمعته يومئذ يردد في دعائه: اللهم الشهادة في سبيلك، أو موتا في مدينة رسولك.
قال فذكروا أن عرفة بن عكرمة حدثهم عن مشايخ من مراد عن رجل منهم كان مع موسى بالأندلس قال: كنت أبصر من مجاري الشمس والقمر شيئا، فوقع في عند موسى، وقيل له عنده علم، فوالله ما شعرت حتى أتيت فأخذت، فأدخلت عليه، فإذا بين يديه عصفور مذبوح، مشقوق البطن قال لي: أدخل يدك فانظر. قلت: أصلح الله الأمير: طلقت امرأته البتة إن كان يعلم قليلا أو كثيرا، إلا ما يعلم الناس من مجاري الشمس والقمر. قال: فأمر بي فنحيت، ثم دعا برجل من الأعاجم، قال: أدخل يدك، فانظر ماذا ترى، وكان من الأسارى، فأدخل يده في جوف العصفور، فحركه طويلا، ثم قلبه، نم قال للترجمان بلسانه: إنه ليس يموت ها هنا، ولكنه يموت بالمشرق في بلاد العرب، فنظر إليه موسى، ثم قال له: قاتلك الله ما أعلمك، قال: ثم أمر به فقتل، ثم دعاني، فأخذ على الإيمان أن لا أتكلم به ما بقي،

(1) يعني فإذا الذي عناه موسى بالرجل الذي بلغ ذكره المشرق والمغرب هو نفسه.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175