الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ٨٠
إن قتله فهو مكانه، فقبل وبايعوه على ذلك، ثم إنهم أتوا عبد الله بن عبد الرحمن الغافقي، وكان سيد أهل الأندلس صلاحا وفضلا فأعلموه، ثم أقرءوه كتاب سليمان. فقال لهم: قد علمتم يد موسى عند جميعكم، صغيركم وكبيركم، وإنما بلغ أمير المؤمنين أمر كذب عليه فيه، والرجل لم ينزع يدا من الطاعة، ولم يخالف فيستوجب القتل وأنتم ترون وأمير المؤمنين لا يرى، فأطيعوني ودعوا هذا الأمر، فأبوا، ومضوا على رأيهم، فأجمعوا على قتله، فوقفوا له. فلما خرج لصلاة الصبح، ودخل القبلة وأحرم، وقرأ بأم القرآن الكريم، واستفتح (إذا وقعت الواقعة) ضربه حبيب بن أبي عبيدة ضربة، فدهش ولم يصنع شيئا، فقطع عبد العزيز الصلاة وخرج، وتبعوه فقتله ابن وعلة التميمي، وأصبح الناس، فأعظموا ذلك، فأخرجوا كتاب سليمان بذلك، فلم يقبله أهل الأندلس، وولوا عليهم عبد الله بن عبد الرحمن الغافقي، ووفد حبيب بن أبي عبيدة برأس عبد العزيز ابن موسى رحمهما الله.
قدوم رأس عبد العزيز بن موسى على سليمان قال: وذكروا أن سليمان لما ظن أن القوم قد دخلوا الأندلس، وفعلوا ما كتب به إليهم، عزل عبد الله بن موسى عن أفريقية وطنجة والسوس، في آخر سنة ثمان وتسعين في ذي الحجة، وأقبل هؤلاء حتى قدموا على سليمان، وموسى بن نصير لا يشعر بقتل عبد العزيز ابنه. فلما دخلوا على سليمان، ووضع الرأس بين يديه، بعث إلى موسى، فأتاه، فلما جلس وراء القوم. قال له سليمان: أتعرف هذا الرأس يا موسى؟ فقال: نعم هذا رأس عبد العزيز بن موسى، فقام الوفد فتكلموا بما تكلموا به. ثم إن موسى قام فحمد الله، ثم قال: وهذا رأس عبد العزيز بين يديك يا أمير المؤمنين، فرحمة الله تعالى عليه، فلعمر الله ما علمته نهاره إلا صواما، وليله إلا قواما، شديد الحب لله ولرسوله، بعيد الأثر في سبيله، حسن الطاعة لأمير المؤمنين، شديد الرأفة بمن وليه من المسلمين، فإن يك عبد العزيز قضى نحبه، فغفر الله له ذنبه، فوالله ما كان بالحياة شحيحا، ولا من الموت هائبا، وليعز على عبد الملك وعبد العزيز والوليد أن يصرعوه هذا المصرع، ويفعلوا به ما أراك تفعل، ولهو كان أعظم رغبة فيه، وأعلم بنصيحة أبيه، أن يسمعوا فيه كاذبات الأقاويل، ويفعلوا به هذه الأفاعيل. فرد سليمان عليه قال: بل ابنك المارق من الدين، والشاق عصا المسلمين، المنابذ لأمير المؤمنين، فمهلا أيها الشيخ الخرف. فقال موسى: والله ما بي من خرف،
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175