لأجل قدوم موسى ومن معه. فلما رآهم بهت إليهم، وقال الناس: موسى؟ موسى، ثم أقبل حتى سلم على الوليد، ووقف الثلاثون بالتيجان، عن يمين المنبر وشماله ثم إن الوليد أخذ في حمد الله تعالى والثناء عليه، والشكر لما أيده الله ونصره، فتكلم بكلام لم يسمع بمثله، وأطال حتى فات وقت الجمعة، ثم صلى بالناس فلما فرغ جلس، ثم دعا بموسى، فصب عليه الوليد الخلع ثلاث مرات، وأجازه بخمسين ألف دينار، وفرض لولده جميعا في الشرف، وفرض لخمس مئة من مواليه، ثم أدخل عليه موسى ملوك البربر، وملوك الروم، وملوك الأشبان، وملوك أفرنجة، ثم أدخل عليه رؤس أهل البلاد ممن كان معه من قريش والعرب، فأحسن جوائزهم، وفرض لهم في الشرف، ثم أقام موسى عند الوليد أربعين يوما، ثم إن الوليد هلك.
ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى قالوا: لما استخلف سليمان بعد أخيه الوليد، فكان أحنق الناس على الحجاج وموسى بن نصير، وكان يحلف لئن ظفر بهما ليصلبنهما، وكان حنقه عليهما لأمر يطول ذكره. قال:
فأرسل سليمان إلى عمر بن عبد العزيز فأتاه، فقال: إني صالب غدا موسى بن نصير، فبعث عمر إلى موسى فأتاه. فقال له يا بن نصير، إني أحبك لأربع. الواحدة: بعد أثرك في سبيل الله، وجهادك لعدو الله. والثانية: حبك لآل محمد صلى الله عليه وسلم. والثالثة. حبك عياض بن عقبة لما تعلم من حسن رأيي فيه، وكان عياض من عباد الله الصالحين، والرابعة:
أن لأبي عندك يدا وصنيعة، وأنا أحب أن تتم يده وصنيعته حيث كانت، وقد سمعت أمير المؤمنين يذكر أنه صالبك غدا، فأحدث عهدك (1)، وانظر فيما أنت فيه ناظر من أمرك، فقال له موسى: قد فعلت، وأسندت ذلك إليك. فقال له عمر: لو قبلت ذلك من أحد قبلت منك، ولكن أسند إلى من أحببت. فانصرف، فلما أصبح اغتسل وتحنط وراح، ولم يشك في الصلب. فلما انتصف النهار، واشتد الحر، وذلك في حمارة الصيف: دعا سليمان موسى: فأدخل عليه متبعا، وكان بادنا جسيما، به نسمة لا تزال تعرض (2). فلما وقف بين يديه: شتمه وخوفه وتوعده، فقال له موسى: أما والله يا أمير المؤمنين ما هذا بلائي، ولا قدر