قال: أقام موسى بقية سنته تلك، وأشهرا من سنة أربع وتسعين، ثم خرج وافدا إلى الوليد بن عبد الملك، وكان ما أقام بها موسى عشرين شهرا، واستخلف عبد العزيز بن موسى، فجاز موسى البحر على الأندلس، فغزا بالناس حتى بلغوا أربونة، ومعه أبناء الملوك من الإفرنج، وبالتيجان والمائدة والآنية والذهب والفضة، والوصفاء والوصائف، وما لا يحصى من الجواهر والطرائف، وخرج معه بوجوه الناس. قال: وذكروا عن صفة المائدة عن عبد الحميد أنه قال كانت مائدة خوان، ليست لها أرجل، قاعدتها منها، وكانت من ذهب وفضة خليطين، فهي تتلون صفرة وبياضا، مطوقة بثلاثة أطواق، طوق لؤلؤ، وطوق ياقوت، وطوق من زمرد قال قلت: فما عظمها؟ قال: كنا بموضع والناس معسكرون، إذ فلت بغل لرجل من موالي موسى يقال له صالح أبو ريشة، على رمكة (1)، فكردها في العسكر، فقام الناس إليه بأعمدة الأخبية، وجال في العسكر جولة، فتطلع موسى قال: ما هذا؟ وتطلع الحواري فإذا هو بالبغل يكرد الرمكة، وقد أدلى (2)، فغار موسى وقال: احملوا عليه المائدة، فلم يبلغ بها إلا منقلة (3) حتى تفتخت قوائمه لكثرة ثقلها على هذا البغل القوي.
قدوم موسى أفريقية قال: وذكروا أن يزيد بن مسلم مولى موسى، أخبرهم أنه لما جاز موسى الحصن أمرهم بصناعة العجل (4)، فعملت له ثلاثون ومئة عجلة، ثم حمل عليها الذهب والفضة والجواهر، وأصناف الوشى الأندلسي، حتى أتى أفريقية. فلما قدمها بقي بها سنة أربع وتسعين، ثم قفل، واستخلف ابنه عبد الله على أفريقية وطنجة والسوس، وخرج معه ولده مروان بن موسى، وعبد الأعلى بن موسى وعبد الملك بن موسى، وخرج معه مئة رجل من أشراف الناس، من قريش والأنصار وسائر العرب ومواليها، منهم عياض بن عقبة، وعبد الجبار بن أبي سلمة