الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ٣٨
رب من أنضجت غيظا قلبه * قد تمنى لي موتا لم يطع ويراني كالشجى في حلقه * عسرا مخرجه ما ينتزع مربد يهدر ما لم يرني * فإذا أسمعته صوتي انقمع ويحييني إذا لاقيته * وإذا يخلو له الحمى رتع ورث البغضاء عن والده * حافظا منه الذي كان استمع ولساني صيرفي صارم * كذباب السيف ما مس قطع قال: فلما فرغ الحجاج من هذه الأبيات كبر، ثم حمد الله بما هو أهله، للذي كان من صنعه به وبجماعته، فبينا هو كذلك، إذ أتاه من يخبره أن ابن الأشعث قد انخزل من أصحابه في نفر يسير، متوجها إلى ناحية خراسان، فدعا الحجاج ابن عم له، كان يعرفه بالنصيحة والهوى، فقطع معه ليلا، وأرسله في طلب ابن الأشعث إلى مواضع شتى، وعهد إليهم أن لا يدركوا أحدا إلا أتوا به أو برأسه أو يموت، فوقف الحجاج طويلا في مكانه ذلك المرتفع ينظر إلى معسكر ابن الأشعث، وأصحابه ينتهبونه، ثم رجع إلى معسكره فنزل، ودخل فسطاطه فجلس، وأذن لأصحابه فدخلوا عليه، فقام كل واحد منهم يهنئه بالفتح، وجعل ابن جبلة يأتيه بالأسرى، فكلما أتى بأسير أمر به فضربت عنقه، فكان ذلك فعله يومه ذلك إلى الليل، فلما أصبح وتراجع إليه أكثر خيله، أمر مناديه ينادي بالقفل (1)، فقفل وقفلت معه أجناده، وجميع أصحابه إلى مدينة واسط، فكان فيها وهو الذي كان بناها، قال: وضرب ابن الأشعث ظهرا لبطن، ليلا ونهارا حتى لحق بخراسان، ورجا في لحوقه بها النجاة من الحجاج، والحذر لنفسه، ولم يشعر بالخيل التي بعثت في طلبه حتى غشيته، فلم تزل تطلبه من موضع إلى موضع، حتى استغاث بقصر منيف، فحصره ابن عم الحجاج فيه، وأحاطت به الخيل من كل جانب، حتى ضيق عليه، ودعا بالنار ليحرقه في القصر، فلما رأى ابن الأشعث أنه لا محيص له ولا ملجأ، وخاف النار، رمى بنفسه من بعض علالي القصر، وطمع أن يسلم ولا يشعر به فيدخل في غمار الناس، فيخفى أمره، ويكتم خبره، فسقط فانكسرت ساقه، وانخذل ظهره ووقع مغشيا عليه، قال: فشعر به أصحاب الحجاج فأخذوه، وقد أفاق بعض الإفاقة، ولا يقدر على النهوض فأتوا به إلى ابن عم الحجاج، فلما رآه بتلك الحال أيقن أنه لا يقدر على أن يبلغ الحجاج حتى يموت، فأمر به فضربت رقبته، وانطلق برأسه إلى الحجاج، فلما قدم عليه أحدث لله شكرا وحمدا

(1) القفل: الرجوع.
(٣٨)
مفاتيح البحث: خراسان (2)، الموت (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175