رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس في شئ إلا في آخرها. يقابل الحديث الأول، والذي يلزم من كلامهم أن يكون كل وتر تهجدا، مأمورا به.
ولفظ الشافعي - رحمه الله -: وأوكد النوافل الوتر ويشبه أن يكون صلاة التهجد، والظاهر أن الوتر والتهجد يفرقان، فالوتر لا يعتبر في حقيقته أن يكون بعد النوم، بخلاف التهجد.
قال ابن سيده: هجد يجهد هجودا، وأهجد نام، والهاجد والهجود المصلي بالليل، والجمع هجود وهجد. قال: وتهجد القوم، استيقظوا للصلاة أو لغيرها، وقال الأزهري: المتهجد القائم لصلاة الليل من النوم، فكأنه قيل له متهجد لإلقائه الهجود عن نفسه، كما يقال للعبد: متحنث لإلقائه الحنث عن نفسه، فيمكن تأويل كلام الشافعي - رضي الله تبارك وتعالى عنه - على أن يقال: إن الذي يتبع الوتر في التأكيد هو التهجد.
وذكر محمد بن نصر المزروي، عن الحجاج بن عمر بن غزية الأنصاري أنه قال: يحسب أحدكم أنه إذا قام من الليل فصلى حتى يصبح، أنه قد تهجد؟ إنما التهجد الصلاة بعد رقدة، ثم الصلاة بعد رقدة، ثم الصلاة بعد رقدة، ثم الصلاة بعد رقدة، قال: فتلك كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.