وأما أن الأرض أبت أن تقبل ميتا قتل موحدا روى محمد بن أبي عتيق وموسى بن عقبة وشعيب، عن ابن شهاب الزهري قال: حدثنا عبد الله بن موهب، عن قبيصة بن ذؤيب قال: أغار رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية من المشركين فانهزمت، فغشى رجل من المسلمين رجلا من المشركين وهو منهزم فلما أراد أن يعلوه بالسيف قال: لا إله إلا الله، فلم ينزع عنه حتى قتله، ثم وجد في نفسه من قتله، فذكر حديثه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهل لا نقبت عن قلبه؟ يريد أن يعبر عن القلب اللسان، فلم يلبثوا إلا قليلا حتى توفي ذلك الرجل القاتل، فأصبح على وجه الأرض فجاء أهله فحدثوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ادفنوه، فدفنوه، فأصبح على وجه الأرض، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثوه ذلك، فقال:
إن الأرض قد أبت أن تقبله فاطرحوه في غار من الغيران.
وروى يونس بن بكير عن البراء بن عبد الله، عن الحسن قال: بلغنا أن رجلا كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال المشركين، فذكر معنى ما ذكر قبيصة، يزيد وينقص، ومما زاد، قال: فأنزل الله فيه: (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا)، فبلغنا أن الرجل مات فقيل: يا رسول الله مات فلان فدفناه، فأصبحت الأرض قد لفظته، ثم دفناه فلفظته، فقال: أما إنها تقبل من هو شر منه ولكن الله - عز وجل - أراد أن يجعله موعظة لكم لكي لا يقدم رجل على قتل من يشهد أن لا إله إلا الله ويقول: إني مسلم، اذهبوا به إلى شعب بني فلان فادفنوه، فإن الأرض ستقبله، فدفنوه في ذلك الشعب، ذكر ذلك البيهقي (1) - رحمة الله عليه -.