وأما إعلام الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بما قالته قريش لما سمعوا أذان بلال رضي الله تبارك وتعالى عنه يوم فتح مكة فروى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني والدي إسحاق بن يسار قال: حدثني بعض آل حمير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة أمر بلالا فعلا على الكعبة على ظهرها فأذن عليها بالصلاة، فقال بعض بني سعد بن العاص: لقد أكرم الله سعدا إذ قبضه قبل أن يرى هذا الأسود على ظهر الكعبة.
وقال يونس: عن هشام بن عروة، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا عام الفتح فأذن على ظهر الكعبة ليغيظ به المشركين.
وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أيوب قال: قال ابن مليكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا يوم الفتح فأذن فوق الكعبة، فقال رجل من قريش للحارث بن هشام: ألا ترى إلى هذا العبد أين صعد؟ فقال: دعه فإن يكن الله - تعالى - يكرهه فسيغيره.
وقال الواقدي في (مغازيه) - رحمة الله عليه - وقد ذكر فتح مكة:
قالوا: وجاء وقت الظهر فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا أن يؤذن الظهر فوق ظهر الكعبة يومئذ وقريش فوق رؤوس الجبال، وقد فر وجوهم وتغيبوا خوفا أن يقتلوا، فمنهم من يطلب الأمان ومنهم من قد أومن، فلما أذن بلال ورفع صوته كأشد ما يكون، فلما بلغ: أشهد أن محمدا رسول الله، تقول جويرية بنت أبي جهل، قد لعمري رفع لك ذكرك، أما الصلاة فسنصلي، والله لا نحب من قتل الأحبة أبدا، ولقد كان جاء أبي الذي جاء محمدا من النبوة فردها ولم يرد خلاف قومه.
وقال خالد بن أسيد: الحمد لله الذي أكرم أبي قبل أن يسمع هذا اليوم.