وأما إخباره صلى الله عليه وسلم في مسيره إلى الحديبية بأن قريشا لا ترى نيرانهم وإخباره صلى الله عليه وسلم بمجئ أهل اليمن وبشقاوة الأعرابي فكان كما أخبر فخرج الحافظ أبو نعيم من حديث عبد الله بن وهب قال: حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله تبارك وتعالى عنه - قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حتى إذا كنا بعسفان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكم يعرف ثنية ذات الحنضل، فإن عيون قريش على ضجنان ومر الظهران، فأخذنا حين أمسينا على جبال يقال لها:
سراوغ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا رجل يسعى أمام الركب، فنزل رجل فجعل تنكبه الحجارة، وتتعلق به الشجرة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اركب، فركب، ثم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا رجل يسعى أمام الركب، فنزل رجل آخر تنكبه الحجارة وتعلق به الشجرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذوا ها هنا، وأشار إلى ناحية فأصبنا الطريق، فسرنا حتى أتينا في آخر الليلة على عقبة ذات الحنظل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل هذه الثنية الليلة كمثل الباب الذي قال الله - عز وجل - لبني إسرائيل: ﴿ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم﴾ (1) ما هبط أحد من الثنية الليلة إلا غفر له، فاطلعت في آخر الليل الناس التمس أخي قتادة بن النعمان بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل الناس يركب بعضهم بعضا حتى وجدت أخي في آخر الناس، فلما هبطنا نزلنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه ثقل (2) فليصطنع قال أبو سعيد: رأينا الذي معه ثقل (3)، فقلت: يا رسول الله عسى أن ترى قريش نيراننا، فقال: لن يروكم، فلما أصبحنا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، وصلينا معه، ثم قال: والذي نفسي بيده