وأما رجيف الحصن بخيبر لما رماه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكف من حصا فقال الواقدي في (مغازيه) (1): فحدثني موسى بن عمر الحارثي، عن أبي عفير محمد بن سهل بن أبي حثمة قال: لما تحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشق وبه حصون ذوات عدد، فكان أول حصن بدأ به منها حصن أبي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على قلعة يقال لها سموان، فقاتل عليها أهل الحصن قتالا شديدا، وخرج رجل من اليهود يقال له: غزال فدعا إلى البراز فبرز له الحباب بن المنذر واختلفا ضربات، ثم حمل الحباب عليه فقطع يده اليمنى من نصف الذراع، فوقع السيف من يد غزال فكان أعزل.
فبادر راجعا منهزما إلى الحصن، وتبعه الحباب فقطع عرقوبه فوقع فدفف عليه (2)، فخرج آخر فصاح من يبارز؟ فبرز له رجل من المسلمين من آل جحش فقتل الجحشي وقام مكانه يدعو إلى البراز فبرز له أبو دجانة قد عصب رأسه بعصابة حمراء فوق المغفر يختال في مشته، فبدره أبو دجانة فضربه فقطع رجليه، ثم ذفف عليه وأخذ سلبه، درعه، وسيفه، فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفله رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك.
وأحجموا عن البراز، فكبر المسلمون ثم تحاملوا على الحصن فدخلوه، يقدمهم أبو دجانة، فوجدوا فيه أثاثا، ومتاعا، وغنما، وطعاما، وهرب من كان فيه من المقاتلة وتقحموا الجدر كأنهم الظباء حتى صاروا إلى حصن النزار بالشق. وجعل يأتي من بقي من قلل النطاة إلى حصن البزار فعلقوه وامتنعوا فيه أشد الامتناع.
وزحف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه فقاتلهم فكانوا أشد أهل الشق رميا للمسلمين بالنبل والحجارة ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم، حتى أصابت النبل ثياب