فقال محمد بن مسلمة: من هذا؟ قال: عمرو بن سعدى، فقال محمد:
مر! اللهم لا تحرمني إقالة عثرات الكرام، فخل سبيله، وخرج حتى أتى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبات به حتى أصبح، فلما أصبح غدا، فلم يدر أين هو حتى الساعة، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، فقال: ذاك نجاه الله بوفائه، ويقال أنه لم يطع أحدا (1) منهم، ولم يبادر للقتال.
وأما قتل أبي رافع بن أبي الحقيق واسمه عبد الله وقيل سلام فقال يونس بن بكير: عن ابن إسحاق، لما انقضى شأن (2) الخندق، وأمر بني قريظة، وكان أبو رافع سلام بن أبي الحقيق فيمن كان حزب الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت الأوس قبل أحد قد قتلت كعب بن الأشرف في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحريضه عليه، فاستأذنت الخزرج ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل (سلام) بن أبي الحقيق، وهو بخيبر، فأذن لهم فيه.
قال ابن إسحاق: حدثني الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك قال:
كان مما صنع الله به لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذين الحيين من الأنصار: الأوس، والخزرج، كانا يتصاولان معه تصاول الفحلين لا تصنع أحد منهما شيئا إلا صنع الآخر مثله، فلما قتلت الأوس كعب بن الأشرف تذكرت الخزرج رجلا هو في العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثله.
فذكروا ابن أبي الحقيق بخير، فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله، فأذن لهم، فخرج له عبد الله بن عتيك، وأبو قتادة، وعبد الله بن أنيس، ومسعود ابن سنان، وخزاعي (3) بن أسود حليف (لهم) (4) من أسلم.